لقد انتهى حوارنا وبالشراكة مع رادو البلد/عمان نت والذي عقد في الفترة ما بين 22-25 حزيران/يونيو 2014 حول خرط الإعلام وإخبار القصص للتوعية والمناصرة في حقوق الإنسان.
ان تثقيق الأفراد والمجتمعات حول حقوقهم هو امر اساسي لإيجاد اهتمام وانخراط في حركات حقوق الإنسان، ومع تنوع التكيكات التي تعمل على التوعية والتثقيف اضافة الى كونها تساعد على ايجاد حلفاء جدد للقضية، فهذه التكتيكات توفر نقطة انطلاق للناس للتحاور والتحدث عن حقوقهم وتركيز انتباههم على المسؤولين عن جرائم حقوق الإنسان.
في هذا الحوار ركزنا على دور الإعلام والقصص كأحد التكتيكات المستخدمة للتوعية والتثقيف وايجاد حلفاء جدد للقضايا الحقوقية التي تعملون عليها، وسنناقش كيفية خرط كل من الإعلام وإخبار القصص في حملاتنا التي نسعى فيها لإحقاق العدالة والمناصرة والتوعية.
تالياً ملخص لأبرز ما تم ذكره في الحوار:
يعتبر اخبار القصص من احد التكتيكات التي تساهم في التوعية والمناصرة في حقوق الإنسان خاصة انها تعكس حكايا شخصية ذات صلة بالإنتهاك الحاصل، لتعكس الأحداث الحقيقية التي مرت بها الشخصيات التي تتحدث عن قصتها بهدف تشجيع ضحايا الإنتهاكات للتحدث اكثر عن قضيتهم أو للتوعية بالإنتهاكات الحاصلة وضرروة تغيير القوانين والأنظمة ومحاسبة مرتكبي الإنتهاكات وإما لحشد الرأي العام للإلتفاف الى القضية المطروحة، أو لتوثيق انتهاك ما أو مرحلة ما.
يعتبر الإعلام في مجتمعنا احد اعمدة القوة التي تلعب دوراً مهماً بزراعة الوعي والتحشيد وحتى الإنحياز لأفكار واشخاص معينين في الشارع العربي، لذلك هنالك حاجة ملحة لتجنيد الإعلام في حملات التوعية والمناصرة في حقوق الإنسان. الا انه وبسبب انحياز الإعلام التقليدي لأطراف معينة، خاصة وبوجود انتقادات واسعة من قبل المدافعين والمدافعات عن قضايا حقوق الإنسان حول الكيفية التي يتعاطى بها الإعلام مع القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، معتبرين أن تعاطي الإعلام مع قضايا حقوق الإنسان سطحي وانتقائي، ولا يراعي المواثيق الدولية التي تؤكد على دور الإعلام في كشف الانتهاكات الواقعة على حرية الإنسان مهما كان نوعها أو مصدرها، وفي الوقاية من انتهاك هذه الحقوق مستقبلاً أو التوعية بقضايا حقوق الإنسان. كيف يتم تطويع وخرط الإعلام في حملات المناصرة والتوعية في حقوق الإنسان والإنتهاكات الحاصلة اضافة الى كيف بإمكاننا بناء اعلام يحترم حقوق الإنسان.
محمد شما يرى انه من المهم ان يركز الإعلام ان يركز بشكل اكبر على قضايا حقوق الإنسان وان يخرج من اطار التغطية الشكلية المرتبطة بتغطيات مؤتمرات أو فعاليات خاصة بالمنظمات الحقوقية، وآن الاوان لان يكون الاعلام خلاقا ومساعدا للجهات المعنية، وضرورة خروجه من التغطية المجتزئة، وأن يكون هناك مهنية أكثر في التعاطي مع الضحايا والحالات المختلفة من اطفال، لاجئين، نساء، الخ...، وجعل المواد الاعلامية أكثر جاذبية من خلال مهنية المنتج والعمل عليه أكثر وأن لا يتم اهماله واعتباره مادة صحفية ضمن مهام الصحفي فقط بمعنى يتفاعل مع المضمون لا ان يكون موظفا. ويرى ان الاعلام لا يريد ان يطور من تقنيات حديثة أو حتى على مستوى مهنية العاملين لديه. حيث هنالك الكثير من القضايا الحقوقية التي تحتاج إلى عمل وبحث.. وتقصي والقليل من الجهد لكنه غير متوفر. ويرى بأن الاعلام المراقب هو مؤثر والتأثير لا يأتي من نقله للخبر فقط، إنما من تخصيص صحفيين ليتابعوا عن كثب قضية ما وينشروا ما لا يمكن نشره.
محمد شما اقترح عدة امور ربما قد تفيد أي كان من الصحفيين، باعتبار الاهتمام بقضية ما ليست مسألة ترفية أو أنها تخصص لا يهم باقي الصحفيين المشتغلين في السياسة أو الاقتصاد..
أولا: على الصحفي أن يكون ميدانيا في تعاطيه مع قضايا حقوق الانسان.
ثانيا: أن يكون دائم التغطية والتحسس للقضايا الحقوقية وان لا يتعاطى معها بالمناسبات الدولية فقط.
ثالثا: أن يتابع القضايا التي أثارها ويثيرها دائما في تغطياته، ولا يتم اهمالها أو القول أنها كتب عنها فحسب.
رابعا: أن يكون ملما ومطلعا لمنظومة الاتفاقيات الدويلة لحقوق الانسان وكل ما له علاقة بالامر.
خامسا: أن يعمل وليس فقط ينظر أو يدعي اهتمامه بقضايا حقوق الانسان دونما كتبت سطر واحد في هذا المجال.
سادسا: المامه باللغات لكي تساعده على الوصول إلى مصادر ومطارح قد تكون صعبة عليه فيما لو لم يتقن لغة واحدة.
سابعا: أن يكون مؤمنا بقضايا حقوق الانسان والموضوعات التي يتناولها وهذا أمر مهم لكي يقنعنا كمتابعين وقراء ومستمعين بأنه مؤمن بعمله....
منى نادر من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ترى إن الإعلام في عالمنا العربي هو احد الاليات التي تستخدمها النظم الحاكمة لعرقلة نشر ثقافة حقوق الإنسان، وهنالك ارتباط وثيق بين نمط الملكية الخاصة بالإعلام ( مملوك للدولة ، لأفراد، لاحزاب...الخ) وبين قدرته على ان يكون اداة لدعم قضايا حقوق الإنسان، هذا بالإضافة الي معطيات اخرى تتعلق بمدى احترام مبادئ حقوق الإنسان في البيئة الإعلامية أولا، فاذا كنا أمام بيئة اعلامية تتم فيها مصادرة حقوق العاملين وحريتهم ويفتقروا فيها للتدريب والتطوير ويعانون من بطش وهيمنة السلطة داخل المؤسسة وخارجها، فلا تتوقع منهم ان يكونوا مدافعين حقيقين عن ضحايا حقوق الإنسان.
وترى ان الإعلام التقليدي بعاني العديد من الازمات ويحتاج مزيد من الجهد من منظمات المجتمع المدني ليستوعب قضايا حقوق الإنسان والتمكن من الكتابة عنها من منطلق حقوقي يحترم حقوق الانسان. رغم هذا الواقع المؤسف للإعلام التلقيدي وبريق الامل في صحافة المواطن او الاعلام الجديد، فأننا لا يمكن ان نفقد الامل ونوقف العمل مع الاعلام التقليدي، خاصة في مجتماعتنا العربية التي مازالت تعاني من الامية الالكترونية والتي للاسف ماذا يعتبر الإعلام التقليدي بكل تحيزه وانصياعه لتوجهات السلطة احد اهم مكوناته والمحدد الرئيسي لقراراته والمشكل الرئيسي لافكاره، فإذا كنا نؤمن بدور الإعلام التقليدي في دعم قضايا حقوق الانسان فعلينا ان تستثمر فيه، ونبدأ في وضعه ضمن جدول اعمالنا، ووضع حقوق العاملين فيه على اراس اولوياتنا وحقوق المتلقي في المعرفة وتداول المعلومات على قائمة الحقوق التي نركز عليها، فإذا نجحنا في مد جسور الثقة بين المجتمع المدني والإعلام يمكن في مرحلة معينة ان نجد هذا الإعلام داعما لقضايا حقوق الإنسان. ولكن علينا اولا ان نعلمه ونعرفه عن هذه الحقوق اخذين في الاعتبار ان الاعلامين هم جزء من المجتمع يعانون نفس مشكلاته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها المجتمع والتي تحد احد اهم معوقات عملنا.
محمد بوعمريران من الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان يرى ان العلاقة بين حقوق الإنسان والإعلام والإعلاميين بمختلف تصنيفهم ينبغي أن تكون علاقة تفاعلية، يخدم الحقوقي فيها الإعلامي بضمان حرية التعبير، وغيرها من الحريات التي تكفلها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والأنظمة الإقليمية والمحلية. وحتى يؤدي الإعلامي الدور الحقوقي المطلوب منه يجب أن يكون على دراية ومعرفة بالاتفاقيات ومعرفة تفاصيلها، والمعاهدات التي انضمت لها البلاد، وكذلك المواثيق الإقليمية والأنظمة المحلية مثل النظام الأساسي للحكم ونظام الإجراءات الجزائية ونظام المطبوعات، وغيرها.
أصبحت ثقافة حقوق الإنسان في نظر الجميع معيارا حقيقيا لكل تقدم وإستراتيجية تنموية. حيث يعتبر تعزيز هذه الحقوق يعتبر الهدف العام لكل المجتمع الدولي، وبالتالي لا يمكن ترك أي وسيلة سلمية لمواجهة انتهاكاتها. وبأن حالة الثقة بالنسبة للاعلام بدأت تتراجع خصوصا بعد الثلاثة أعوام من عمر الحراكات الشعبية العربية أو ما يسمى بالربيع العربي، حيث بدأ المواطن العربي يستشعر بأن الاعلام لم يعد المنبر الذي يستطيع من خلاله أن يتحدث عن همومه وقضاياه التي يدافع عنها، وهناك عدة دلائل على هذا الأمر فعلى سبيل المثال لا الحصر مورست قوى شد عكسي من قبل وسائل اعلامية أردنية عملت من أجل تشويه صورة الحراك الشعبي الأردني المعروف بان كان حراكا سلميا، ولعبت تلك الوسائل على وتر اخافة الرأي العام من تبعات هذا الحراك الأمر الذي ساهم في فقدان الثقة من قبل الرأي العام من كل صوت يطالب بالتغيير.
قبل العمل على تعزيز دور الاعلام لخدمة القضايا الانسانية هناك مسؤولية تقع على عاتق الصحفيين في اعادة احياء صورة المهنة الصحفية الحقيقية والعودة الى ما هو متعارف عليه التركيز على أن المهنة الصحفية مهنة تحمل رسالة انسانية ويستلزم عليها أن تكون حلقة وصل بين المواطن والمسؤول وتسليط الضوء على القضايا المهمشة وألا تركز منابرها على جهة واحدة فقط.
روان جيوسي من راديو البلد تعتقد ان العلاقة بين الاعلام وحقوق الانسان هي علاقة مترابطة بممارسة حرية الراي والتعبير تكمن وتتجسد من خلال حرية الإعلام وهذا يشكل ضرورة على الاعلاميين تطوير المعرفة بحقوق الانسان وبان يتمتعوا بصفات مهمة لتغطية هذه القضايا واهمها التغطية على الارض والتواصل مع المواطنين اضافة الى المعرفة نوعا ما باللغة الحقوقية للكتابة لضمان وصول الحق وحمايته ودعمه والأهم المعرفة بحقوق الانسان والتشريعات الدولية ووضع دولته القانوني من التزاماتها الحقوقية.
ومن المهم التميز بين دور الاعلام كرقيب وناقل للخبر وووسيلة لها دور في التنمية وبين انجراره لمجموعة من القضايا بحيث يتحول الى وسيلة حشد، وتعتقد ان دور الاعلام بانحيازه لقيم الحق والخير بموضوعية هو المطلوب
مؤكدة على اهمية التمييز بين دور الاعلام كرقيب وناقل للخبر وووسيلة لها دور في التنمية وبين انجراره لمجموعة من القضايا بحيث يتحول الى وسيلة حشد؟
غادة الشيخ من جريدة الغد ترى بأن مصطلح حقوق الانسان قد برز بقوة منذ ولادة الحراكات الشعبية العربية الأمر الذي يسلط الضوء على جانب جديد يتوجب على الاعلاميين التقاطه باعتباره أن الاعلام يطرأ عليه تطور كل يوم. وأول خطوة من اجل تكريس دور الاعلام في خدمة القضايا الانسانية هي تحسين صورة دور الاعلام التي شوهت من قبل ممارسات منافية لأخلاق المهنة الصحفية من قبل بعض الاعلاميين وبعض الوسائل الاعلامية لاسيّما الفضائيات الاخبارية العربية.
جمانة مصطفى من عرمرم ترى ان الإعلام العربي كما الشارع العربي عاش حالة من التخبط مع حلول العام 2011، فلا المؤسسات الإعلامية ولا هرميتها ورقابتها على نفسها كانت مؤهلة لاصطدام صريح مع الأنظمة،
وترى ان كثيرا من وسائل الإعلام التقليدي والجديد تعلمت درسها بسرعة وتمكنت من اكتساب حيل جديدة للالتفاف حول الحدث وتغطيته دون إغضاب الأجهزة الأمنية، ما أدى لخروج تغطيات منقوصة أو تنتقد بخجل.
أما الإعلام الرسمي ابن المدرسة القديمة فظلّ في حالة الإعتام، مقتصرا على خيارين فيما يخص المطالبات الحقوقية، إما تخوين أصحابها والتشكيك بنواياتهم أو تجاهل الخبر أصلا.
وترى ان حالة الركود أو التسليم بأنصاف الحقوق لم تمس الإعلام فقط، بل مست المجتمع المدني أيضا وكثير من الحراكات الشعبية والناشطين، ربما يكون النقاش أكبر قليلا من عنواننا لكن لهذه الردة ارتباط وثيق بجذرية من تبنوا القضايا أولا، وبتغير وجهة نظر الشارع تجاه الحريات
اخبار القصص:
لابد من استخدام الفن عمومًا للوصول للجمهور وعرض انتهاكات حقوق الإنسان عليهم، ويعد فن الحكي المسرحي أحد الأدوات الناجحة في هذا الموضوع، لعرض انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث لأشخاص بعينها أو فئات معينة على المجتمع الذي قد يغفل في بعض الأحيان عن متابعتها أو يتجاهلها.
أن الأسلوب الأمثل في نقل القصص في مجتمعاتنا العربية هو أسلوب الصدمة، ونقل الحقيقة كما هي. فن الحكي المسرحي يختلف كثيرًا عن التمثيل، فالحكاء يحكي قصة شخصية أو يحكي قصة شخص آخر، يحاول أن يضع نفسه في نفس وضع صاحب/ة القصة ويشعر بما شعر به هذا الشخص، ثم ينقل شعوره/ا للجمهور. وأعتقد أن شخصنة الأمور والعمل على خيال المتلقي هو من أنسب الوسائل التي ستساعدنا في الوصول إلى الجمهور.
بعض الأمثلة الناجحة على استخدام فن الحكي في مصر:
مشروع بصي لتوثيق العنف ضد النساء في مصر: بصي من أهم المشروعات التي استخدمت الحكي في عرض انتهاكات حقوق المرأة بشكل خاص في مصر، ويقول القائمين على مشروع بصي عن نفسهم:
: https://www.facebook.com/TheBuSSyProject/info
مشروع حكاوي التحرير، والذي بدأت فكرته بعد ثورة يناير 2011، خلال الاعتصام في ميدان التحرير للمطالبة بتنحي حسني مبارك، واتفق مجموعة من الشباب على حكاية قصصهم الشخصية التي عاشوها في ميدان التحرير للجمهور، وتعريفهم بما عاشوه خلال ال 18 يوم التي اتعصموها في الميدان. وهكذا بدأ المشروع لعرض قصص وحكايات وتحارب أشخاص عاديين في محاولة منهم لتوثيق ما عاشوه في الثورة لن تكتب عنها الجرائد ولا تذيعها قنوات التليفزيون
للمزيد عن حكاوي التحرير ومشاهدة الفيديوهات: https://www.facebook.com/TahrirMonologues - https://www.youtube.com/user/TahrirMonologues
https://www.newtactics.org/ar/node/1477
وهناك العديد من المحاولات الأخري لتوثيق وحكي انتهاكات حقوق الإنسان لفئة معينة، وكان من بينها عرض "أحكي ليه؟" لتوثيق معاناة أطفال الشوارع في مصر، وعمل عليه المخرج شادي عبد الله، والذي كان جزءًا من مشروعي بصي وحكاوي التحرير، عكف فريق العمل على مقابلة أطفال الشوارع في مصر ومعرفة مشكلاتهم ومعاناتهم والانتهاكات التي يتعرضون لها على مدار اليوم، ثم التدريب عليها وتم عرضها في يونيو 2013.
حملة تعايش لرفع الوصم والتمييز عن المتعايشين/ات مع فيروس نقص المناعة البشري/ إيدز في مصر وكانت الفاعلية الأولى لها هي عرض حكي مسرحي بعنوان "المرض مش تهمة" عرض فيه حكايات لمتعايشين/ات في مصر وتصوير الحكايات منفردة لنشرها على مواقع التواصل الإجتماعي للوصول لأكبر عدد ممكن من الناس.
لمزيد عن الحملة: www.facebook.com/T3ayosh - https://www.youtube.com/user/T3ayosh/videos
تكتيك من مصر حول اعادة كتابة القصص التقليدية لإعادة النظر في مفهوم الفرق بين الجنسين https://www.newtactics.org/ar/node/501
مصدر الصورة: حكاوي التحرير https://www.facebook.com/TahrirMonologues