الفساد هو ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة تؤثر على جميع البلدان وعلية فأن نشر ذلك التأثير الثلاثي للفساد هو يعد التحدي الأول فأن التأثير الأجتماعي و الأقتصادي قد يمس المواطن العادي بشكل أكبر منه سياسياً الا ان تلك الثقافة المجتمعيه لمفهوم الفساد يحتاج الى تعديل وتوضيحه بصورة أكبر لتشمل شرائح أكثر ومفاهيم أوسع.
ان الفساد يؤثر على المؤسسات الديمقراطية لتصبح بعد فترة تابعة لتلك المؤسسات الفاسدة – ان صح التعبير – وعلية تشكل تلك التبعية أحدى أهم التحديات في المنظومة القانونية وتحدي لجميع الفاعلين في محاربة الفساد.
وأخيراً يمكننا القول انه لا بد من وجود فرص وتحديات وقصص نجاح لأي مبادرة أو إتفاقية، من الممكن إستغلالها وإستثمارها وتجاوزها للخروج بطروحات فاعلة وفعالة يمكن تطبيقها على أرض الواقع للوقاية من الفساد والحد من إنتشاره وعبوره للحدود.
الدروس المستقاه من الإتفاقيات هي فرصة الإنفتاح والتشاركية والتعاون ما بين دول الأطراف الموقعة الإتفاقية، علماً بأن بعض بنود الإتفاقية جاءت إلزامية وبعضها إجبارية، ولكن يعود للدولة بمراجعة قوانينها الوطنية ومحاولة الإرتقاء بها لتتوائم مع روح ومتطلبات الإتفاقية.
هناك قصص نجاح نعرفها والمتعلقة بإسترداد الموجودات المنهوبة والمهربة إلى الخارج، وهي تحديداً جاءت في الفصل الخامس من الإتفاقية، وهذا النجاح يعود إلى دعم الحكومة التونسية لمؤسسات المجتمع المدني ومطالبه في إسترداد الأموال والموجودات التي هربها النظام السابق إلى خارج تونس، بحيث تم إسترجاع مبلغ بحدود 28 مليون دولار من أموال الرئيس السابق المهربة إلى لبنان، كما تم إسترجاع 2 يخت للرئيس السابق من إيطاليا ودولة أوروبية أخرى.
لا بد من الإشارة بالذكر ببأن مؤسسات المجتمع المدني قد منحتها الإتفاقية الدولية الدور والدور الفاعل الفعال في سياسات والإجراءات الحكوميت المتعلقة بمكافحة الفساد، وتجاوز تعاونها للحدود، حيث أن الإتفاقية تعتبر خارقة للحدود لأن الفساد لا يميز بين الجنسيات ولا الشعوب ولا الحدود.
العقبات الرئيسة التي تواجهنا كفاعلين في محاربة الفساد، يتمثل في الآتي، حسب رأيي الشخصي:
عدم جدية الحكومة بالتعاون والشراكة الحقيقة مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية في مكافحة الفساد.
عدم التوافقية والتشاركية الحقيقة ما بين مؤسسات المجتمع المدني، حيث تحاول كل مؤسسة أن تبذل جهود ناسية أن تكاتف الجهود وتوحيدها هي الطريق الأقصر وألأمثل لتحقيق الأهداف المشتركة.
قضية التمويل، حيث أن التمويل يساعد في تشتيت الجهود وتفريقها في بعض الأحيان، وخاصة في تلك القضايا والأمور ذات الأهتمام المشترك لعدد معين من المؤسساتوالأفراد الناشطين في المجتمع المدني.
إن الأثر الحقيقي للفساد واضح بصورة كبيرة: فهو يشوه التنمية، ويولد السخرية بين المواطنين، ويقوض سيادة القانون، ويضر بشرعية الحكومة، وينتهك حقوق الإنسان ولا سيما الفقراء. مع اعتماد وبدء نفاذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فقد حصلت عملية مكافحة الفساد على زخم جديد لها. وتمثل الاتفاقية أداة لا غنى عنها في الكفاح ضد الفساد. وإن العدد الكبير من الدول الأطراف التي تضمها هذه الاتفاقية هو شهادة على التزام المجتمع الدولي بالقضاء على هذا الشر.
على هيئات وسلطات مكافحة الفساد في تطبيق التدابير الوقائية وتنفيذ السياسات على المستوى الوطني. والتشديد على ضرورة تشجيع مشاركة المجتمع المدني ووسائل الاعلام في منع الفساد على المستوى الوطني. و تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لمنع الفساد. وأشير كذلك إلى ضرورة مواصلة تعزيز المبادرات التعليمية وتنظيم حملات توعية الجمهور، بما في ذلك الشباب، حول المخاطر والمشاكل التي يطرحها الفساد. وأبرز بعض المتكلمين الأهمية القصوى لتثقيف الشباب من أجل تعزيز ثقافة النزاهة بين صفوفهم.
الدروس المستفاده من الاتفاقيه كبيره جدا ولكن الاشكاليه الحقيقيه هى التحديات التى تواجه المجتمع المدنى فمازالت الحكومات العربيه تتعامل مع المجتمع المدنى كعدو يفتش فى نواياها وواقع الامر ان المجتمع المدنى يحاول مساعدة الحكومات على تنفيذ بنود الاتفاقيه بما يعود بالنفع على المجتمعات العربيه لذلك ارى ان نركز فى الفتره القادمه على كيفية اقناع الحكومات بتقبل المجتمع المدنى كشريك فاعل وعدم التضييق عليه
لا تزال المنطقة العربية تشهد، على مدار أكثر من عامٍ ونصف العام، فترة تحول هائلة. فما بدأ كحركة يقودها الشباب وتطالب بالتغيير في تونس، صار له عواقب حاسمة بالنسبة للمنطقة ككل، وما زال يتمخض عن آمال وتوقعات، وإن كانت تمتزج على نحوٍ متزايد بالحذر والمخاوف مما قد يحمله المستقبل في طياته. فقد نددت الجماهير العربية بالفساد وطالبت بالحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والاشتمال الاقتصادي. ويسلط هذا الضوء على أهمية بناء علاقات جديدة بين الدول والمواطنين، وأيضاً عبر قطاعات المجتمع، استناداً إلى رؤية مشتركة للديمقراطية والعدالة والحقوق.
وفي جوان 2011، واستجابة لهذه الأحداث، نظم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المنتدى الدولي مسارات التحولات الديمقراطية الذي فتح باب الناقش حول بعض من أهم تحديات إدارة الحكم المتوقعة في أوقات التحول. وهو ما تضمن - على سبيل المثال لا الحصر - ضمان نزاهة العمليات الانتخابية، وتلبية الحاجات إلى العدالة الانتقالية، ومساندة الحوار الدستوري، كخطوات نحو صياغة عقد اجتماعي جديد يرسخ مبدأي العدالة الاجتماعي والإنصاف الأساسيين.
حيث يوفر مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية، الذي تم إطلاقه في عام 2011، منبراً فريداً يعزز إصلاحات السياسات الموجهة والتشاركية والعمل الجماعي لمكافحة الفساد في مختلف بلدان المنطقة. ويركّز هذا المشروع بصورة خاصة على المساءلة الاجتماعية، إذ يشدد على الحاجة إلى التضافر بين جهود مكافحة الفساد والجهود الجارية لتعزيز إصلاحات السياسات القائمة على الشواهد ودعم مشاركة المواطنين في صياغة السياسات ورصد تنفيذها.
إن التقدم الذي أُحرز نحو التحولات الديمقراطية من منظور المساءلة الاجتماعية، مع التركيز على عملية إعادة التفاوض بشأن العقد الاجتماعي بين المواطنين والدول في المنطقة العربية. والحقيقة أن الأحداث التي جرت منذ بداية عام 2011 قد فتحت الباب أمام مستوى أفضل من المساءلة، وأوجدت حراكاً اجتماعياً جديداً، ليس في البلدان التي تشهد تحولاً فحسب، بل في المنطقة العربية بأسرها.
يشير مفهوم المساءلة الاجتماعية إلى صورة من صور المساءلة تنبثق عن أفعال المواطنين ومنظمات المجتمع المدني الرامية إلى مساءلة الدولة، وكذلك الجهود المبذولة من الحكومة والأطراف الفاعلة الأخرى (وسائل الإعلام، القطاع الخاص، الجهات المانحة) لمساندة هذه الأفعال والاستجابة لها، لا تساعد علاقات المساءلة على ضمان التزام صانعي القرارات بالمعايير والقواعد والأهداف المتفق عليها مع الجمهور فحسب، بل تمنع أيضاً الصراع. وبالإضافة إلى المساءلة الرأسية المتعلقة بآليات مساءلة الدولة، فإن المساءلة الأفقية - التي تتحقق من خلال نظام من القيود والتوازنات المتبادلة والهيئات الإشرافية داخل الحكومة، بل وأيضاً بين منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الجماهيري - مهمة بالقدر نفسه.
هناك ثلاث أطراف فاعلة رئيسية لها دور تلعبه في تعزيز المساءلة الاجتماعية. أولاً، تتحمل الحكومات مسؤولية محورية عن تنفيذ الإصلاحات السياسية والتشريعية والقضائية المطلوبة لتحقيق التحول الديمقراطي. وقد صدّقت كافة الدول العربية على العديد من اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية كما التزمت أكثر من 16 بلداً بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وتقنن هذه الاتفاقيات الملزِمة قانوناً المعايير الدنيا التي يجب أن يستوفيها المكلفون بالمسؤوليات على كافة مستويات المجتمع — لكن بالأخص أجهزة الدولة — وأن يساءَلوا قياسا عليها. كما أن الحكومات مسؤولة أيضاً عن خلق بيئة لعلاقات المساءلة الاجتماعية وتمكينها، وكفالة حرية تكوين الجمعيات والوصول إلى المعلومات، وضمان حقوق المواطنين في المعلومات العامة وإتاحة سجلات النفقات والميزانية العامة، وتحسين أنظمة الشفافية الداخلية وما إلى ذلك.
ثانياً: برز المجتمع المدني كطرف فاعل قوي يمكنه، وينبغي عليه، أن يلعب دوراً نشطاً في مساءلة الدولة وتأييد المقترحات على صعيد السياسات لتعزيز أجندة العدالة الاجتماعية استناداً إلى الشواهد البحثية. كذلك وبما أن كثيراً من المظالم الأساسية في المنطقة التي أفضت إلى الثورات تأتي ممن يتعرضون للإقصاء الاجتماعي والفقراء والمستضعفين والمهاجرين والشرائح الريفية من المجتمع، فمن المهم ضمان سماع أصوات هؤلاء. فلا غنى عن الخدمات العامة الأساسية (المياه، الصرف الصحي، الصحة، التعليم) لرفاه هؤلاء، ويمكن لمبادرات مساءلة الاجتماعية التي تضمن رقابة المواطنين على مثل هذه الخدمات ومشاركتهم في اتخاذ القرار أن تحسّن كثيراً جودة هذه الخدمات وإمكانية الحصول عليها. وهناك جهود ذات صلة بدأت في الظهور مؤخراً في عدد من البلدان العربية، بيد أنها لا تزال محدودة للغاية في نطاقها وأثرها. ويلعب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دوراً رئيسياً في دفع المبادرات المتعلقة بذلك. ويُعد المجتمع المدني المنظم ضعيف جداً حالياً في المنطقة العربية، حيث عانى لسنوات عديدة من مختلف أنماط السيطرة وغالباً ما صاحب ذلك تركيز ضيق على تقديم الخدمات. وفي الوقت نفسه، أثبت "الربيع العربي" أو "الصحوة العربية" قوة صور الانخراط المدني الصاعدة الجديدة. ومع ذلك فإن حركات المجتمع المدني الصاعدة ما زالت في طور تحديد أساليب الانخراط مع أصحاب المصلحة المباشرة الآخرين التي يمكن أن تؤدي إلى مساهمة بناءة وإيجابية في عملية التغيير بما يتجاوز حشد الشارع. كما يمكن أيضاً - في البيئة شديدة التقلب التي تميّز فترة التحول - أن يصعب على الأطراف الفاعلة بشدة تقييم المنطلقات الأنسب للعمل مع المجتمع المدني تقييماً فعالاً.
ثالثاً: يلعب كل من وسائل الإعلام التقليدية ووسائل الإعلام الاجتماعي الجديدة دوراً حاسم الأهمية في تعظيم صوت المواطنين وتيسير الحوار بين المجتمع المدني والدولة. وبما أن هذه الأطراف الفاعلة الثلاثة ليست على درجة واحدة من "النضج"، فسوف تعير المناقشات التي تجرى اهتماماً خاصاً لدور المجتمع المدني.