استخدام البحث التشاركي لفهم آثار الاتفاقيات التجارية على صغار المنتجين والدعوة إلى التغيير

أجرت ثمانية من دول الأعضاء في مجلس جنوب شرق آسيا للأمن الغذائي والتجارة العادلة (SEACON) بحثًا تشاركيًا مع منتجي الغذاء على نطاق صغير من أجل تحديد آثار المنطقة التجارة الحرة لرابطة دول جنوب شرق آسيا (AFTA) في جنوب شرق آسيا ولتمكين المنتجين للدفاع عن حقوق الإنسان الخاصة بهم.

(SECON)، التي أُنشئت في عام 1996، هي منظمة دولية مكلفة بتنفيذ تطلعات الأمن الغذائي في جنوب شرق آسيا على النحو المبين في إعلان بالاي (Balay). وهو بمثابة حلقة الوصل بين المستويات الشعبية والإقليمية والوطنية والدولية في مسائل الأمن الغذائي والزراعة وقضايا التجارة. لإتمام ذلك، فإن (SECON) تعمل على مراقبة المواقف، والعمل كمدافع، وتوفير المعرفة والإستراتيجيات البديلة للتجارة الزراعية على أساس مبادئ التجارة العادلة والسيادة الغذائية.

بدأت إتفاقية المنطقة التجارة الحرة لرابطة دول جنوب شرق آسيا (AFTA) في عام 1992 بهدف تخفيض التعريفات إلى 0-5٪ على السلع المصنعة المتداولة والمنتجات الزراعية المصنعة وإزالة الحواجز غير الجمركية والقيود الكمية التي تحد من دخول الواردات. كان الهدف من إزالة هذه العقبات أمام التجارة الحرة هو زيادة القدرة التنافسية لجنوب شرق آسيا في الأسواق الإقليمية والعالمية. ومع ذلك، فإن تحرير التجارة يغير الطلبات على صغار المنتجين وقد تكون له عواقب سلبية غير مقصودة تنتهك حقوق الإنسان الأساسية مثل الحق في الغذاء.

أرادت (SECON) أن تدعو إلى إصلاحات سياسية ومؤسسية مناسبة تحمي حقوق الإنسان للمزارعين وصيادي الأسماك. بعد تجربة سابقة مع البحوث المتعلقة بقضايا الأمن الغذائي والراغبين في إجراء تقصي الحقائق على أرض الواقع، إختاروا القيام بأبحاث تشاركية. كانت أهدافهم الرئيسية تقييم آثار إتفاقية التجارة الحرة على المستوى الوطني وصغار المنتجين، وتقديم توصيات لمعالجة وتخفيف تأثيره السلبي وتعزيز تأثيره الإيجابي، لا سيما على الأرز والسلع ذات الأولوية مثل الذرة والسمك والسكر، وتعزيز التجارة الحرة في المنطقة. إضافة إلى ذلك، سمحت الطبيعة التشاركية للبحوث لصغار المنتجين أنفسهم بأن يأخذوا الملكية العملية، وأن يكتسبوا الوعي بحقوقهم بموجب القانون الدولي، وأن يتعلموا أساليب جديدة لتحسين سبل معيشتهم.

قامة (SEACON) بإجراء أبحاث في كمبوديا وإندونيسيا وتايلاند وماليزيا ولاوس والفلبين وفيتنام وميانمار (بورما) حيث تعد إتفاقية المنطقة التجارة الحرة لرابطة دول جنوب شرق آسيا (AFTA) اتفاق إقليمي. تم تنظيم المشروع البحثي بشكل هرمي. كان لدى كل بلد باحث قيادي وطني يقوم بتنفيذ العمل البحثي وكفل إجراء البحث في الوقت المحدد. كان لدى (SEACON) منظمات وأعضاء شريكة في كل بلد يقوم بالإيشراف ويقدم الدعم للباحث الرئيسي. أما على الصعيد الدولي، أشرفت (SEACON) على البحوث في كل بلد ونسقتها، وقدمت الدعم اللوجستي والتقني، ومولت عملية البحث والمناصرة.

قبل البدء في المشروع، قامت (SEACON) بإختيار فرق البحث، وتلقى الباحثين المدربين، وإجراء إختبارات ميدانية بما في ذلك المقابلة تجريبية مع صغار المنتجين. وإستناداً إلى نتائج هذه الاختبارات الميدانية، تمكنت (SEACON) من تحسين إستبيان المقابلة وتوقع المشاكل الأخرى التي قد تنشأ خلال المشروع.

على مدى الخمسة أشهر، قام الباحثون الرئيسيون ومنظماتهم بالإشراف على الأبحاث. أجروا مقابلات وملاحظات ومناقشات جماعية مركّزة ودراسات حالة. قام فريق (SEACON) بزيارة كل مجموعة بحثية لمراقبة تقدم البحث وتقديم الدعم والمساعدة. تم إستكمال هذا البحث الأساسي من خلال بحث ثانوي من مصادر مطبوعة وإلكترونية.

ولجعل البحث تشاركي بشكل حقيقي، إستغرق فريق (SEACON) وقتا خلال المقابلات للسماح لصغار المنتجين بمشاركة التحديات التي يواجهونها وتقديم اقتراحاتهم لكيفية حل هذه السياسات الحكومية أو غيرها من الوسائل. كما سعوا للحصول على معلومات حول معرفتهم بـ إتفاقية المنطقة التجارة الحرة لرابطة دول جنوب شرق آسيا (AFTA) وتأثيرها على سبل عيشهم. خلال مناقشات مجموعة التركيز، تطرق الباحثون إلى قضايا الوصول إلى الإئتمان، والسياسات الزراعية، والمواضيع المتعلقة بالنوع الإجتماعي والتجارة. وقد سمحت هذه المناقشات الأكثر انفتاحاً للباحثين بجمع قدر كبير من البيانات التي قد تكون قد ضاعت إذا تم تبني نهج المقابلة فقط.

بمجرد الإنتهاء من جمع البحث، قامت الفرق بتحرير الإستبيانات المكتملة وإجراء إختبارات الجودة للتأكد من أنها تمت الإجابة عليها بشكل صحيح ومنطقي. ثم دخلوا البيانات في نظام كمبيوتر وقاموا بترميزها لضمان التنسيق في جميع البلدان المشاركة. بمجرد معالجة البيانات، تم إعادتها إلى الباحثين لتحليلها وإعداد التقارير. إستخدم الباحثون الرئيسيون هذه البيانات لكتابة تقرير بحث نهائي على شكل روائي.

نتيجة لأبحاثهم حول إتفاقية المنطقة التجارية الحرة لرابطة دول جنوب شرق آسيا (AFTA)، وجدت (SEACON) أن تحرير التجارة أدى الى خلق توسع في سوق السلع والخدمات. ومع ذلك، فإنها لم تؤدَ بشكل تلقائي إلى الحصول الى فوائد كما وعد من قبل المدافعين عن التجارة الحرة. في العديد من الحالات، تُخفي التطورات الاقتصادية الكلية الإيجابية مثل توسع الأسواق وإرتفاع عائدات النقد الأجنبي إتجاهاً موازياً نحو التفكك الإجتماعي والإقتصادي وإستبعاد ملايين صغار المنتجين وعائلاتهم. هذه المجموعة من السكان الضعفاء بسبب إفتقارهم إلى التعليم والمهارات، والديون، وعدم القدرة على ممارسة النفوذ السياسي والإقتصادي.

من أجل الإستمرار في الطبيعة التشاركية للمشروع، شاركت (SEACON) نتائج البحث مع المجتمعات المشاركة. وفي العديد من البلدان، نظم شركاء البحث إجتماعات لتبادل النتائج مع المزارعين وصيادي الأسماك والمسؤولين الحكوميين والمنظمات غير الحكومية المحلية. قبل عملية المشاركة هذه، كان العديد من صغار المنتجين غير مدركين لآثار الإتفاقيات التجارية على سبل معيشتهم وحقوقهم كمنتجين، لكن هذا التكتيك ساعدهم في تحقيق الآثار السلبية لقرارات حكوماتهم لتوقيع إتفاقات تجارية بالنيابة عنهم دون إستشارتهم أولاً. كما تعرف الكثير من المشاركين على طرق أفضل للإنتاج تعتمد بشكل أقل على الأسمدة ومبيدات الآفات الزراعية، مما يقلل التكاليف ويحسن جودة التربة.

واجهت (SEACON) والمنظمات الشريكة لها عددا من التحديات في إجراء أبحاثهم التي تمكنوا من التغلب عليها. على سبيل المثال، تطلب الأمر صبرا لجعل جميع أعضاء (SEACON) يتوصلون إلى توافق في الآراء بشأن تصميم البحث والمنهجية والأدوات الرئيسية مع العديد من البلدان والأفراد المعنيين. هذه العملية كانت معقدة بسبب الحواجز اللغوية. أوصى الباحثون بنقل الأفراد ثنائيي اللغة في البلدان التي لا تتحدث لغة مشتركة مثل الإنجليزية على نطاق واسع. كما أن المسافة الكبيرة بين مجموعات البحث تعني أيضًا أن معظم الاتصالات حدثت عبر البريد الإلكتروني، وليس وجهًا لوجه. في بعض الأحيان تكون رسائل البريد الإلكتروني مشوهة ومعطوبة، مما يؤدي إلى تأخر الإستجابة والتأثير على جداول العمل والأنشطة. اقترح الباحثون أن المكالمات الهاتفية ربما كانت وسيلة تواصل أفضل.

إضافة إلى ذلك، لم يكن لدى جميع المنظمات الشريكة أعضاء لدى دراية بعملية إجراء مقابلات مع المستجيبين أو كتابة تقارير بحثية شاملة. قدمت (SEACON) التدريب وطورت مبادئ توجيهية موحدة لكتابة التقارير لمساعدتها. وأخيرًا، كان من الصعب أحيانًا الحصول على منتج صغير للأغذية للتعاون مع عملية المقابلة، والتي إستغرقت ما يقرب من ساعة لإكمالها. ساعة بعيد عن العمل تساوي ساعة من دون أجر، كان على المقابلات أن تكون قادرة على إقناع المستجيبين المحتملين بأهمية المشروع.

لمعرفة المزيد عن هذا التكتيك و(SEACON) ، تفضل بزيارة مفكرة التكتيكية هنا.

التكتيكات جديدة في حقوق الإنسان لا تناصر أو تؤيد تكتيكات أو سياسات أو قضايا محددة.

 

ما هي الأمور التي نتعلمها من هذا التكتيك: 

يوضح هذا التكتيك كيف يمكن أن تفيد عملية إجراء الأبحاث حول موضوع أكبر الأشخاص الذين تم إجراء البحث عليهم. كان بإمكان (SEACON) تنفيذ المشروع بطريقة غير تشاركية ، وجمع المعلومات من منتجي الأغذية الصغار ولكن دون تضمينها في العملية أو تقديم النتائج لهم. وبدلاً من ذلك، تمكنت سيكون من تمكين المنتجين من إدراك حقوقهم الخاصة بموجب القانون الدولي من خلال المقابلة وعملية مناقشات مجموعة التركيز. من خلال المشاركة في نتائج البحث مع المشاركين ، قاموا بزيادة ملكية المنتجين في المشروع وأظهروا من الناحية الواقعية الأثر الضار للاتفاقيات التجارية الدولية. يمكن للمنظمات الأخرى التي تقوم بالبحوث التجريبية أن تنظر في إضافة عنصر تشاركي لأبحاثها من أجل تمكين المجتمعات المحلية ، وربط ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بالمعلومات التي يحتاجونها ليصبحوا مدافعين نشطين عن حقوقهم.