lina jazrawi

صورة lina jazrawi
لينا جزراوي
المسمى الوظيفي: 
استاذة جامعية
المنظمة: 
جمعية بناء جسور

التمييز ضد المرأة الاردنية في القوانين برغم المصادقة على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق المرأة

 

يبدأ التمييز ضد المرأة الاردنية في الدستور الأردني  ويمتد ليشمل قوانين لتشريعات ، فالمادة السادسة من الدستور الاردني تنص على أن  " الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في  الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين " وقد طالبت منظمات حقوقية وناشطين حقوقين بتعديل هذه المادة باضافة كلمة "الجنس" على هذه المادة من أجل انصاف المرأة الاردنية واعتبارها مواطنة كاملة الحقوق أسوة  بالرجل ، الا أن هذه المطالبات قوبلت بالرفض من قبل المُشرع الأردني الذي لم يجد ما يبرر هذا الرفض الا بقوله أن كلمة الاردنيون تعني رجالا ونساءا ، الأمر الذي رُدّ من قبل مجمع اللغة العربية  وأشار الى أن الاردنيون مُوجّة للذكور فقط ، ولتكن هذه نقطة البداية للحديث عن موضوع التمييز بين الجنسين ، حيث نجد بأن دساتير الدول الديموقراطية المُتحضرة ، تخصص فصولا في دساتيرها موجهة لضمان حقوق النساء فيها مثل دستور دولة تركيا ، ودولة ماليزيا على سبيل المثال لا الحصر.

لقد صادقت  الاردن على الاتفاقيات الخاصة بحماية حقوق النساء  كاتفاقية "القضاء على كافة اشكال التمييز ضد المرأة " ودخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ ، وهذا يُرتب على الدولة أن توائِم بين بنود ومواد الاتفاقية وقوانينها الوطنية ، وتلزم الدول المُصادقة بصيغة حازمة بشجب كافة أشكال التمييز ضد المرأة ، واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة للقضاء عليها  وتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين في الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،  إلا أن التحفظات التي سجلتها الدول العربية ومن بينها الأردن ، كانت كفيلة بافراغ هذه الاتفاقية من مضمونها ، والخروج عن جوهرها وهدفها الحقيقين وهو تحقيق المساواة بين الجنسين.

فالمرأة الاردنية تعاني من التمييز ضدها في قانون الجنسية ، حيث يَمنع القانون المرأة الاردنية المتزوجة من أجنبي من أن تمنح جنسيتها لزوجها وأبناءها ، في الوقت الذي يمنح فيها الرجل الاردني جنسيته لزوجته العربية بعد ثلاث سنوات من الزواج وللأجنبية بعد خمس سنوات ، وقد شهد الاردن حراكا نسويا واسعا من قبل حملات منظمة ، كحملة "جنسيتي حق لي ولأبنائي "  من قبل منظمات حقوقية تعني بحقوق المرأة ، شكلت ضغطا  على الحكومات المتعاقبة على الأردن ، الأمر الذي أدى في نهاية العام 2014 الى اتخاذ تدابير واجراءات من شأنها أن تقلل من معاناة النساء الاردنيات وأولادهن الغير اردنيين ، فسمح لهن ياستصدار هويات خاصة للأبناء يُسمح لهم بموجبها ، الاستفادة من خدمات التامين الصحي المجاني والدراسة في مدارس الرسمية ، والعمل ، الا هذا الاجراء لم يرقَ لطموح المرأة الأردنية ، التي مازالت ترى بأن الدولة تعامِلها كنصف مواطنة ، وأنها تتدخل في أدق تفصيلات حياتها الخاصة وتُعاقبها على اختيارها لشريك حياتها ، في الوقت الذي يسمح به للرجل باختيار أي زوجة ومهما كانت جنسيتها.

كما ويميز قانون العقوبات في مادته 340 بين الجنسين ، في أسوء ما يكون التمييز ، فاذا فاجأ الرجل زوجته في حال الزنا وقتلها تحت تأثير ثورة غضب ،  يُطبّق عليه العذر المُخفف بدل العذر المُحلّ ، بحجة فقدانه  لسيطرته على نفسه وسلوكه ، بينما في حال فاجأت المرأة زوجها بنفس الوضع وقتلته ، فانه يطبّق عليها عقوبة مُرتكِب جريمة القتل العمد ، ويمتد التمييز في أبشع صوره  للمادة 308 المادة التي يقدم فيها قانون العقوبات مكافأة لمرتكِب جريمة الاغتِصاب ، فيُعفيه من جريمته اذا عرض الزواج على ضحيته ، وهكذا يستمر الجاني باغتصاب ضحيته تحت غطاء الشرع والقانون لمدى الحياة ، وعادة ما يضغط الأهل على المجني عليها من أجل القبول بالزواج لتحقيق السّترة والرضوخ لتأثير العرف والعادات والتقاليد ، التي تُحمّل المجنى عليها مسؤولية جريمة لم ترتكبها ، وتُكافىء المجرم على جريمته ، وفي حال رفضت الضحية عرض الزواج ، فانها تكون مشروع لجريمة شرف  ، كل ذنبها أنها ولدت أنثى .

ان مصادقة الأردن على اتفاقية سيداو ، يعني عُرفا أن بنود الاتفاقية سارية المفعول وأنها جزءا من القانون الوطني ، يلزم القضاء بتطبيقها ، و بترجيحها على التشريع الوطني ، لذلك فان هذه الاتفاقية تعتبر بمثابة قانون داخلي ، بل وتعتبر أسمى منه ، ويكون لها اسبقية التطبيق في حال تعارضت مع القوانين الوطنية .

وهنا تجدر الاشارة الى أن معظم الدول العربية القاصرة في تحقيق المساواة بين الجنسين في قوانينها الوطنية ، وتتحفظ على بنود اساسية في اتفاقية سيداو ، فانها تجد لها مبررا في محورين " خصوصية المجتمع ، أحكام الشريعة الاسلامية " ، ففي موضوع خصوصية المجتمع نجد أن فكرة الثقافة السائدة والموروث الاجتماعي في الاردن  يحلّ محل القانون ، ويكون أقوى منه في كثير من الأحيان ، حيث يتم اللجوء للقانون العشائري من أجل البتّ في بعض القضايا الاشكالية ، وعندما يتعلق الأمر بالمرأة وحقوقها فأن هذا الموروث نفسه يرفض أن تُعامل المرأة أسوة بالرجل ، ويعجز القانون في هذه الحالات عن فرض سلطته ، لأنه سُلطة العُرف أقوى منه . أما فيما يتعلق بموضوع احكام الشريعة الاسلامية ، فان كل دولة عربية قد تعاملت مع موضوع المرأة وحقوقها ، بحسب المذهب المعتمد لديها ، وهذا يعني أن مضامين حقوق المرأة في القوانين والاتفاقيات الدولية مخالفة لما توصل اليها صاحب المذهب المعتمد لدى كل دولة عربية اسلامية ، وليس بالضرورة أنها مخالفة للاسلام كدين ، و هذا يتضمن اساءة للاسلام عندما تتم الاشارة الى أن الوضع القانوني للمرأة العربية الاسلام مسؤول عنه ، لذلك يجب توضيح الفرق بين الدين والفكر الديني ، فالفكر الديني ليس هو الدين ، والفكر الديني يحتمل الصواب والخطأ ، فهو ليس الهيا ولا مقدّسا .

 

أردت على عجالة للاشارة لهذه النقاط، وطرح وجهة نظري حول الوضع القانوني للمرأة الاردنية ، والازدواجية التي تعانيها الدولة الاردنية والتناقض الغريب بين الالتزام بقيم حقوق الانسان من خلال مصادقتها على الاتفاقيات الدولية المساندة للمرأة ، وانتهاكها القانوني لهذه الحقوق من جهة أخرى ان المصادقة على هذه الاتفاقية لم  يتجاوز اطار المجاملة الديبلوماسية ، واستُخدمت المرأة وحقوقها كوسيلة للتفاخر والتباهي في الأوساط والمحافل الدولية فقط ، أما الاطار القانوني والتشريعي فيحتاج لثورة اجتماعية نِسوية ، تُعيد صياغة البنود والمواد والنصوص الخاصة بحقوق المرأة في القوانين الوطنية الأردنية ، بدءا من الدستور .