تقديم الخدمات القانونية المجانية لضحايا التعذيب على أيدي رجال الشرطة

التعذيب هو أحد أكثر الانتهاكات التي يتم إدانتها بشدة. توجد اتفاقيات، وحمايات دستورية، وتشريعات وطنية ضد التعذيب أكثر من أي انتهاك آخر لحقوق الإنسان. كما يتم مراقبة التعذيب بشكل أكبر مقارنة بالعديد من الانتهاكات الأخرى. ومع ذلك، لا يزال مستمرًا في العديد من البلدان حول العالم.

نظمت مجموعة من محاميي  نقابة المحامين في إزمير (IBA) في تركيا، أعضائها لتقديم خدمات مجانية لضحايا التعذيب على يد رجال الشرطة التركية.

فالتعذيب في أقبية الشرطة أمر مألوف ومنتشر في معرض تطبيق القانون، وخاصة الضرب. والجناة يضمنون حماية كاملة من النظام القائم في تركيا. كما يمكن للمدعي العام أن يتجاهل أي شكوى من ضحاي التعذيب أو سوء المعاملة، فيما إذا صرح المتهم لدى مثوله أمام القاضي بقوله “لقد تعرضت للتعذيب أو سوء المعاملة أثناء التوقيف” فإن القاضي بدوره قد يتجاهل الموضوع بوصفه خارجاً عن نطاق القضية التي هو بصددها حالياً، أي الجريمة التي أتهم على أساسها المشتبه به.

دعم الضحايا

مع العلم أن القانون الدولي،  والذي وقعت عليه تركيا، ينص على ضرورة إجراء تحقيق فعال في الشكاوى المقدمة بخصوص سوء المعاملة. ولقد انعكس هذا القانون في قانون العقوبات التركي، لكن ومنذ توقيع المعاهدة قبل خمس سنوات، لم يحاسب أحد من رجال الشرطة على جرائم التعذيب أو سوء المعاملة.

لذا، ولكي يتم تشجيع الضحايا لرفع قضاياهم أمام المحاكم، ،ساهمت مجموعة محامون نقابة المحامين في إزمير بتقديم دورات تدريبية يتولاها محامون مؤهلون في هذا المجال وذلك لملاحقة ومقاضاة ممارسي التعذيب، هذا التدريب يتضمن

  • دراسة العواقب الطبية للتعذيب
  • التدريب على مهارات جمع المستندات اللازمة لرفع دعوى قضائية
  • غير ذلك من تدريب حول قوانين حقوق الإنسان

كما طورت الجمعية طرائق وأساليب للإعلان عن خدماتها، وتشجيع الضحايا على المضي قدماً  في رفع قضاياهم.  كوضع ملصقات كتب عليها : “لا تخف، لا تبقى صامتاً، اتصل بنا” ، وقد علقت هذه الملصقات في قاعات المحاكم، والمنظمات الغير حكومية، كما تمت طباعة عدد من البطاقات الشخصية (بيزنس كارد) بهذا الخصوص ليتم توزيعها على الضحايا لتمكينهم من الاتصال طلباً للمساعدة على ارقام هاتف مستعدة لتلقي الاتصالات على مدى ٢٤ ساعة.

وقد اثبتت هذه البطاقات فاعلية عالية حيث حصل ذات مرة، أن اتصل أحد الضحايا ليقول إنه قد تم توقيفه من قبل شرطي أراد أن يضربه، وعند إبراز البطاقة التي تم توزيعها، تراجع الشرطي وتركه يذهب بحال سبيله.

بعد التدريب، تولى كل محام من المجموعة ملفاً ليقوم بدراسته، واتفق الكل على تقديم الخدمات بالمجان، إذ أن نقابة المحاميين هي من قام بتسديد الرسوم والتكاليف الضرورية، كما أنشأت الجمعية عدة لجان للاشراف على التدريب و تطوير المهارات، والإعلام والعلاقات العامة، والترجمات والمنشورات وأخيراً الاتصالات الدولية.

التشكيل الأولي والتأثيرات

كانت الجمعية قد تشكلت من ٤-٥ محامين، وشمل المشروع بدايةً ٤٥ محامياً مستعدين جميعهم لملاحقة من يستعمل التعذيب ومقاضاته. واستمر المشروع بالتطور حتى شمل ٢٣٤ شخصاً جاهزاً لتوفير الخدمات المباشرة أو أي دعم يتعلق بحقوق الإنسان.

لقد تم تقديم ٣٠٤ حالات للجمعية على مدى أكثر من عام ونصف بعد إطلاق المشروع، واستطاعت الجمعية أن تأسس سمعة جيدة  في مراكز الشرطة والأمن، وذلك كان له أثر طيب في الوقاية والحد من انتشار التعذيب على الأرجح . كما زاد المشروع من وعي القضاة أنفسهم لمشكلة التعذيب على أيدي رجال الشرطة.

واستمرت السمع الحسنة للمجموعة بالانشار في مراكز الشرطة وبين وزراء الحكومة، خاصة بعد الرسائل العديدة التي تلقتها “جمعية منع التعذيب”. بالإضافة لذلك ، كانت الجمعية قادرة على زياد وعي كثير من القضاة لهذا النوع من الجرائم، كما اطلع الاتحاد الأوربي على نشاطها وجهودها وطرحت الجمعية على أنها مؤشر من مؤشرات الاصلاحات التي تجري في تركيا، فضلاً عن منحة كبيرة مقدمة من الاتحاد لمواصلة جهد الجمعية وتوسيع نطاق أدائها، لقد كانت النتائج التي توصلت لها الجمعية أبعد من التوقعات، فقد شجعت وبقوة انشاء هيئات مماثلة في البلاد لتحذو حذوها في نقابات المحامين الأخرى، على امتداد الأمة التركية.

ما هي الأمور التي نتعلمها من هذا التكتيك:

يمكن أن تكون الجمعيات المهنية حلفاء فعالين في تنفيذ أعمال حقوق الإنسان. يبرز هذا التكتيك جمعية مهنية من المحامين استخدمت خبرة أعضائها في القانون. ساعدت مهاراتهم المتخصصة في سد الفجوة لإنهاء الإفلات من العقاب على التعذيب. أظهر التكتيك طرقًا لتقليل الخوف بين الضحايا، وهي استجابة شائعة جدًا لتجارب الضحايا. كما قدموا طرقًا مبتكرة لربط الضحايا بالموارد الضرورية لاتخاذ الإجراءات. هذه الموارد جلبت الانتباه إلى الجناة الذين ارتكبوا هذه الانتهاكات. كما يبرز التكتيك طريقة يمكن من خلالها للمهنيين إشراك زملائهم، ليس فقط لزيادة الوعي حول انتهاكات حقوق الإنسان، ولكن أيضًا لإشراكهم في الحل. في هذه الحالة، قدم الزملاء العمل القانوني المجاني. كما زادت هذه المجموعة من المحامين من وعي القضاة بتعذيب الشرطة، مما وسع نطاق جهود تدخلهم إلى النظام القضائي.
التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان لا تناصر أو تؤيد تكتيكات أو سياسات أو قضايا محددة

تكتيكات ذات صلة