تم إنشاء لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا (TRC) بموجب تشريع وطني في عام 1995، بعد فترة من النقاش العام. كان تفويضها جمع المعلومات حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها هيئات الدولة أو المعارضة المسلحة خلال فترة الفصل العنصري. وكان هدفها تعزيز الوحدة الوطنية والمصالحة.
كما كان من المتوقع أن تقدم اللجنة اقتراحات لإصلاح السياسات بهدف منع الانتهاكات في المستقبل. بالإضافة إلى جلسات العفو وحقوق الإنسان، تم تخصيص جلسات خاصة للتركيز على الانتهاكات التي تعرضت لها النساء والأطفال، وعُقدت جلسات أخرى لمناقشة دور المجتمعات الدينية، والمؤسسات الطبية، والقطاع القانوني، وقطاع الأعمال، وغيرها من المؤسسات التي ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في انتهاكات الحقوق.
عُقدت الجلسات في جميع أنحاء البلاد، ونقلت وسائل الإعلام المرئية مقتطفات وتغطية مباشرة. كما غطت وسائل الإعلام المختلفة أنشطة اللجنة بشكل مكثف طوال فترة عملها.
عملية داعمة للضحايا والعفو
أدلى عشرون ألف ضحية بشهاداتهم. ولكي تجعل لجنة الحقيقة والمصالحة العملية مريحة للضحايا بقدر الإمكان، قامت اللجنة باستخدام (ملخّصين) يتولون الإبلاغ عن المعلومات الضرورية (وهو أيضاً تكتيك ممتع)، ويتم اختيارهم من أصحاب المهن المهتمة بالموضوع، كالوزراء والعاملين في المجال الاجتماعي والممرضات وغيرهم، حيث يقومون بتقديم الدعم للضحايا قبل وخلال وبعد العملية. ولقد تم إخضاع (الملخصين) لتدريبات واسعة على العملية وعلى هيكل اللجنة.
كان أحد الأوجه الفريدة للصلاحيات المخولة للجنة هو منح مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، ممن يرغبون في الاعتراف علناً بما ارتكبته أيديهم، عفواً مشروطاً. وتضمنت معايير العفو الكشف الكامل عن الجرائم وكذلك الإقرار بأن الدافع لتلك الانتهاكات كان سياسياً. وكان هذا العفو المشروط سياسة لم تجر محاولة العمل بها في لجان تقصي الحقائق السابقة التي لها هذا الوزن، كما وأنها أسفرت عن اعترافات عامة تناولت بالتفصيل أبشع الجرائم التي ارتكبت خلال حقبة الفصل العنصري، بما في ذلك اغتيال الناشط ستيفن بيكو في 1977.ولم يكن العفو مضموناً بالنسبة للأشخاص الذين أدلوا بإفاداتهم وذلك على الرغم من أنه لم يتم تطبيق أية خطوات لملاحقة من لم يحظوا بعفو قضائي أو الذين لم يتقدموا للإدلاء بشهاداتهم.
تأثير لجنة الحقيقة والمصالحة والتحديات المستمرة
تم إصدار تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة والذي جاء في سبعة مجلدات ما بين عامي 1998 و2002. وعلى الرغم من أن تأثيره البعيد طويل المدى ما زال مجهولاً، إلا أن بعضاً من الإنجازات المباشرة لهذا التقرير تضمنت توصيات حول كيفية الحيلولة دون حدوث مثل تلك الانتهاكات في المستقبل، وهي الانتهاكات التي أثرت على الحكومة الجديدة، وعلى جمع توثيق لا يرقى إليه الشك حول انتهاكات حقوق الإنسان خلال حقبة الفصل العنصري. إن من المهم الإشارة إلى أن لجنة الحقيقة والمصالحة لم تف بكل ما كان منتظراً منها. ولم تتم حتى الآن الملاحقة القضائية لأي من مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان الذين رفضوا الإدلاء بشهاداتهم وذلك على الرغم من أن العملية تسمح بهذا، وعلى الرغم من أن البلد ما زال يصارع قضية التعويضات.
يركز هذا التكتيك على قوة القصص الشخصية في السعي لإحداث التغيير. تستفيد من تأثير قراءة كلمات أشخاص حقيقيين يعيشون تجربة الانتهاكات، حيث يكتبون بأيديهم وبكلماتهم الخاصة. ومن خلال آثار هذا التكتيك، نتعلم أن النجاح يمكن أن يتحقق عندما يشارك الأفراد بشكل فعال. فقد حفزت هذه المشاركة الأفراد على الاهتمام بالدفاع عن السياسات المحلية والوطنية.
التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان لا تناصر أو تؤيد تكتيكات أو سياسات أو قضايا محددة