التصدي للاعتداء الجنسي: حاجة ملحة
تعمل منظمة أوجاما أفريقيا “Ujamaa Africa” من خلال منهج “لا يعني لا” حول العالم على تقليل انتشار الاغتصاب والاعتداء الجنسي في أحياء نيروبي الفقيرة في كينيا، وذلك بتمكين الفتيات في المدارس الثانوية من خلال تدريبهن على تقنيات الدفاع عن النفس.
الاعتداء الجنسي منتشر في كينيا، خلال العام الماضي تعرضت واحدة من بين كل أربع فتيات في المدارس له. إلى جانب التأثير العاطفي السلبي، يمكن أن يؤدي الاعتداء الجنسي والاغتصاب إلى امراض منقولة جنسيًا مثل فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، حالات الحمل غير المرغوب فيها، والإجهاض غير الآمن. خطر فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز مرتفع بشكل خاص في كينيا، حيث تبلغ نسبة الإصابة 2.7% بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عامًا، و6.4% بين من تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عامًا. ترتبط التجارب الجنسية المبكرة بمعدل إصابة أعلى بكثير بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، ومن هنا تأتي أهمية تمكين الفتيات في سن مبكرة.
النهج المبتكر لمنظمة أوجاما أفريقيا
لاحظت منظمة أوجاما أفريقيا أن العديد من البرامج القائمة كانت تركز على رعاية النساء والفتيات اللاتي تعرضن للاعتداء الجنسي أو الاغتصاب. لذلك، قرروا التركيز بدلاً من ذلك على الوقاية، باستخدام تكتيكات الدفاع عن النفس التي يدرسها منهج “لا يعني لا” حول العالم. يركز منهج انا استطيع “IMpower” على استخدام نقاط القوة الشخصية للفتيات لمساعدتهن في المطالبة بحقوقهن وتحديد الحدود. كما أنه يمكّن الفتيات من خلال تحميل المسؤولية عن الاعتداء الجنسي للجاني، وليس الضحية.
بدعم من وزارة التعليم في كينية، تُعقد جلسات “لا يعني لا” حول العالم في المدارس الثانوية الحكومية في أحياء نيروبي الفقيرة. على الرغم من أن المنهج ليس إلزاميًا في المدارس، إلا أن التصريح الحكومي يسمح للمدربين بالوصول إلى المدارس. يتم عقد ست جلسات مدة كل منها ساعتين على مدار ستة أسابيع. لضمان استيعاب المحتوى، يتم تقديم دورات تنشيطية مدتها ساعتان في فترات 3 و6 و9 و10 أشهر. يشمل محتوى الدورة استراتيجيات المقاومة اللفظية، والقتال البدني، والهروب من المواقف ذات الخطر الشديد. يتم تخصيص جزء كبير من وقت الدرس لممارسة هذه التقنيات لضمان شعور الفتيات بالقدرة على استخدامها. توفر الدورة أيضًا مساحة آمنة للفتيات للكشف عما إذا كن قد تعرضن للاعتداء الجنسي، حيث يتم تشجيعهن على طلب المساعدة من منظمة “ناجيات من الاعتداء الجنسي المجهولات”.
تمكين النساء المحليات وتجاوز التحديات
لزيادة شعور الفتيات في المدارس الثانوية بالراحة، فإن مدربات برنامج “لا يعني لا” حول العالم كلهن نساء محليات تتراوح أعمارهن بين العشرين والثانية والثلاثين. يتلقين تدريبًا مكثفًا لمدة ثلاثة أسابيع على المهارات اللفظية والبدنية، يليها أسبوع من تدريس الأطفال المحليين. يتعلمن جمع البيانات، وحساسية التعامل مع الصدمات، وغيرها من المهارات مع استمرار التعليم. يجب على المدربات اجتياز اختبارات كتابية وشفهية وبدنية قبل أن يصبحن موظفات بأجر. كما يتم الحفاظ على أحجام الفصول منخفضة، حيث تكون نسبة المعلم إلى الطلاب حوالي معلمة لك 15 مشاركة، لضمان وصول المشاركات بشكل كافٍ إلى المدربة. وقد كانت الدعوة لتوظيف المدربات دائمًا ناجحة.
كانت التحديات الأولية التي واجهتها منظمة أوجاما أفريقيا هي تمويل البرنامج ومعارضة بعض المعلمين. كان المعلمون مترددين في البداية لأن وجودهم كان مطلوبًا أثناء الجلسات التي تعقد مباشرة بعد الحصص الدراسية. كان برنامج “لا يعني لا” حول العالم برنامجًا رائدًا لأنه يهدف إلى منع الاغتصاب وليس للرعاية اللاحقة التي يتركز معظم التمويل عليها. وقد تم التغلب على أي مقاومة بمجرد رؤية النتائج الملموسة للتدريب، كما أظهرت الدراسات. حصل البرنامج على دعم قوي من أولياء الأمور، والزعماء المحليين، والشيوخ.
الأثر القابل للقياس والخطط المستقبلية
تمكنت منظمة أوجاما أفريقيا من الوصول إلى ما بين 21,000 و27,000 فتاة في المدارس الثانوية سنويًا من خلال جلساتها في المدارس التي بدأت في عام 2010. وقد تم دعم المشروع بتمويل من الحكومة البريطانية. في دراسة شملت مجموعة واحدة، مكونة من 402 فتاة من ثماني مدارس ثانوية في حي كوروغوتشو الفقير، أفادت 23.1% من الفتيات أنهن تعرضن للاعتداء الجنسي في السنة التي سبقت التدخل من برنامج “لا يعني لا” حول العالم. بعد عشرة أشهر من التدريب، انخفضت هذه النسبة إلى 9.2%. وقالت 56.4% من المشاركات إنهن استخدمن مهارات الدفاع عن النفس التي تعلمنها في التدريب لصد المهاجمين وتجنب الاعتداء. في دراسة حالية، وُجد أن تكلفة البرنامج تبلغ 1.75 دولار لكل حالة اغتصاب تم منعها، مقارنةً بتكلفة 86 دولار لزيارة واحدة بعد الاغتصاب إلى مستشفى في نيروبي.
أثناء تنفيذ منهج انا استطيع “IMpower”، تم اكتشاف أن أكبر خطر للاعتداء الجنسي على الفتيات جاء من أصدقائهن الذكور. لمعالجة هذه المشكلة، طورت منظمة كوروغوتشو برنامجًا موازيًا للفتيان المراهقين، يُدعى “لحظتك الحاسمة”. وبفضل النتائج الإيجابية، هناك خطط لتوسيع كلا البرنامجين في إفريقيا، بما في ذلك توسع عالمي بواسطة كوروغوتشو.
يُعد تمكين الفئات المهمشة وضحايا الانتهاكات جزءًا أساسيًا من الدفاع عن حقوق الإنسان. فكر في كيفية عمل منظمتك على تمكين المجتمعات المستهدفة. ركز هذا التكتيك على تزويد الفتيات بأدوات تمكّنهن من تعزيز قوتهن الذاتية. تعليم الفتيات الدفاع عن النفس وكيفية تحديد المواقف الخطرة والهروب منها يوفر فوائد طويلة الأمد لكل فتاة، ولكن أيضًا للمجتمع بأسره. يرتبط العنف ضد النساء بالسياقات الاجتماعية والثقافية والسياسية الأكبر، مع سلوكيات متعلمة مدمجة في المجتمعات.
التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان لا تناصر أو تؤيد تكتيكات أو سياسات أو قضايا محددة