الاستعانة بموقع فليكر للصور كأداة تشاركية تساهم في كشف منتهكي حقوق الإنسان: موسوعة الجلادين

لقد كان الإستخدام المفرط للقوة و تعذيب المدنيين هو الغالب علي ممارسات قوات الأمن قبل ثورة 2011 في مصر، فهناك العديد من الأمثلة علي وحشية الشرطة في فض التظاهرات والقبض العشوائي علي جماعات المتظاهرين من دون مساءلة.  في عام 2008، أنشأ مدون مصري موسوعة الجلادين لتحديد هوية و كشف ضباط الأمن المشتبه بهم في ارتكاب جرائم ضد المدنيين بما فيها التعذيب و الإيذاء والإستخدام المفرط للقوة وغيرها من الجرائم.  زكانت موسوعة الجلادين صورة من صور النضال الإلكتروني الذي استمر مدة عقد من الزمان في مصر قبل الثورة، ولا تزال الحملة مستمرة ضد التعذيب، والتي بدأت بمدونة بسيطة كانت هي المصدر الوحيد الموثوق فيه لوقائع التعذيب في مصر آنذاك.

نشطاء يستخدمون الصور لمكافحة الإفلات من العقاب.

موسوعة الجلادين عبارة عن صفحة تشاركية جماعية علي موقع فليكر تسمح لمشتركيها بنشر الصور عليها، حيث أن موقع فليكر يمثل موقعا اجتماعيا شائعا علي الإنترنت لنشر الصور وتبادلها.  وقد انتشرت صفحة موسوعة الجلادين علي فليكر بين النشطاء المصريين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وكان يتم تحديثها بانتظام بالصور والمعلومات المتعلقة بضباط الشرطة ممن هم متورطين في جرائم.  وهكذا كان النشطاء أنفسهم يحملون العديد من الصور في المظاهرات اثناء عمليات الإعتقال والضرب، كما كان يتم إضافة بعض الصور التي يتم الحصول عليها من الصحف ووسائل الإعلام وتضاف للموقع.

يمثل فليكر موقعا للتواصل الإجتماعي ولابد لمستخدميه من الإستجابة لقواعده وإلا تتم إزالة المحتوى الذي يضيفونه، فمثلا من بين المشكلات التي واجهتها موسوعة الجلادين إزالة الصور التي لم يلتقطها المستخدمون انفسهم والتي تشرت على الموقع، ولكن تم الحصول عليها بطرق أخرى، ما شكل مشكلة حقيقية.  من ثم لجأ النشطاء لنقل المحتوى المرفوض علي موسوعة الجلادين إلى موقع جي.ت، وهو موقع مماثل لمبادلة الملفات وتختلف شروط استخدامه عن شروط  فليكر، مع افتقاره للكثير من الملامح المميزة لموقع فليكر.

تقر صفحة موسوعة الجلادين بأن ليس كل الصور التي يتم وضعها علي الموقع هي لضباط  ثبت تورطهم في ارتكاب جرائم، بل تعمل  على تقديم قاعدة بيانات لضباط الشرطة قد تساعد الضحايا على تمييز من ارتكب الجرائم ضدهم، وهو ما كان ليتحقق لهم بطرق أخرى.

ستخدم موسوعة الجلادين الإنترنت استخداما ابداعيا كشكل من أشكال المقاومة ضد القمع و الإفلات من العقاب، حيث يستبدل السرية بالرقابة العامة، مما يمهد السبيل للمساءلة.

ساعدت موسوعة الجلادين علي رفع الوعي بموضوع التعذيب وخطورة الجرائم التي ترتكبها قوات الأمن، كما ساهمت في خلق حالة استياء لدى المصريين ضد هذه الممارسات.  ومازالت صفحة فليكر للمجموعة مستمرة بعد الثورة، حيث لا يزال النشطاء يضعون صورا لضباط الأمن والجيش ممن تورطوا بجرائم، خاصة أنه لم يتم اتخاذ إجراءات سوى الضئيل منها والذي لا يذكر، لمجابهة مثل هذه الممارسات.

يمكن الإستفادة من هذا التكتيك كجزء من حملة لمكافحة انتهاكات حقوق الإنسان من خلال كشف مرتكبيها، كما يمكن أن تساعد علي إشراك العديد بها لأن المحتوى يعتمد على مساهمات المستخدمين، كما أن استخدامها يسيراً للغاية.

مصدر الصورة: http://connectedincairo.files.wordpress.com/2011/06/piggipedia.jpg

ما هي الأمور التي نتعلمها من هذا التكتيك:

هذه التكتيك يتميز بقدرته على جمع العديد من الأشخاص الذين يشاركون نفس الهدف، والذين لولا وجود الإنترنت لما تمكنوا من التنظيم والتنسيق بين جهودهم. يمكن للمنظمات التي يعمل نشطاؤها في مناطق متباعدة أو التي تواجه أوضاعًا سياسية تجعل الاجتماعات الفعلية خطيرة أن تستفيد من استخدام مواقع مثل Flickr أو منصات التواصل الاجتماعي الأخرى. ومع ذلك، يجب على النشطاء أن يكونوا حذرين في احترام شروط الاستخدام لأي موقع تواصل اجتماعي، وأن يكونوا على دراية بأي مراقبة قد تقوم بها الدولة للإنترنت حتى لا يعرضوا أنفسهم للخطر بسبب ما ينشرونه. كيف يمكن تجنب المخاطر؟ هل يوجد أمثلة ناجحة؟
التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان لا تناصر أو تؤيد تكتيكات أو سياسات أو قضايا محددة

تكتيكات ذات صلة