التأكيد على الهوية الثقافية للجماهير وذلك للتعبير عن المعارضة لنظام قمعي جائر

عرض عام

الهدف التكتيكي: 
حقوق الإنسان: 
المنطقة أو البلد: 

في يونيو/حزيران 1988 تجمع مئات الآلاف من الاستونيين (الذين وصل عددهم وفقاً لبعض التقديرات إلى ثلاثمئة ألف، أي ما يعادل ثلث تعداد الشعب الاستوني، لمدة خمس ليالٍ متواصلة في تالين عاصمة استونيا لأداء أغانٍ ممنوعة أو أغانٍ شعبية تنطوي على مخاطر، كما عقدت مهرجانات مماثلة في الصيف ذاته في لاتفيا وليتوانيا. وكانت هذه الثورة الغنائية كما أطلق عليها آنئذ تمثل خطوة هامة باتجاه استقلال دول البلطيق الثلاث عن الاتحاد السوفياتي في أغسطس/آب 1991.

لقد عمل النظام السوفياتي بنشاط لتدمير ارتباط الشعوب بهوياتها القومية، إلا أنه تم الاحتفاظ ببعض عناصر تلك الهوية بطريقة اعتبرت بأنها غير ضارة أو مؤذية (كبعض الأغاني الشعبية). وإضفاء البعض الآخر عليها (كتلك التي تتضمن إشارات (لاستونيا) بدلاً من (جمهورية استونيا السوفياتية الشعبية))، وكذلك الاحتفال بالأعياد القومية التي كانت قائمة قبل الحقبة السوفياتية والتي ما زال البعض يذكرونها. لقد استخدم البعض ممن احتفظوا بهذه التقاليد تلك الجوانب والمناسبات لتذكير مواطنيهم الاستونيين بهويتهم وحثهم على حمايتها، وكذلك وفي إطار الانفتاح السياسي (الغلاسنوت) الذي منحهم وسيلة آمنة للتعبير عنها.

لقد عملت مهرجانات الغناء على استقطاب حركة المقاومة الوليدة ونشرها على المستوى الشعبي، وذلك من خلال استخدام الرموز الثقافية الشعبية القوية. وجاء العديد من المشاركين إلى المدرج وهم يرتدون الملابس التقليدية ويغنّون الأغاني التي تؤكد هويتهم الاستونية في ظل نظام استخدم الثقافة المتجانسة كأداة للقمع، فقد منحت المهرجانات الاستونيين الفرصة للوقوف علناً بصفتهم استونيين لا مواطنين سوفييت. ولقد أدى تواجد ثلاثمائة ألف مواطن إلى امتصاص جزء من المخاطر التي ينطوي عليها مثل هذا الموقف.

وقامت بتنظيم المهرجانات جمعية التراث الاستوني (Easti Muinsuskaitse Selts) وهي منظمة غير رسمية استفادت من الانفتاح النسبي لفترة الانفتاح السياسي (الغلاسنوت) للضغط من أجل الاحتفال بذكرى المناسبات السنوية القومية الهامة وإحياء الرموز القومية للفترة التي سبقت الحقبة السوفياتية، مثل العلم الاستوني ذي الألوان الزرقاء والسوداء والبيضاء والنشيد الوطني. وكانت هذه الرموز في المعركة، التي لم تكن دموية تقريباً، من أجل استقلال دول البلطيق من بين أكثر الأسلحة فعالية.


 

لا يقر مشروع التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان أو يؤيد تكتيكات أو سياسات أو قضايا معينة.

ما هي الأمور التي نتعلمها من هذا التكتيك: 

ولقد اعتمدت الثورة الغنائية على التقاليد الثقافية التي كانت بشكل خاص عميقة الجذور في دول البلطيق، بما في ذلك مهرجانات الغناء العامة التي يعود تاريخها بشكل رسمي إلى أكثر من مئة عام وإلى قرون عدة بشكل غير رسمي. وقد تمتلك ثقافات أخرى بشكل مماثل تقاليد قوية من التراث الغنائي والراقص والمسرحي وغير ذلك من الفنون أو وسائل التعبير الرمزية. فعائلات المفقودين على سبيل المثال استخدموا رقصة فولكلورية تقليدية تعلمها جميع سكان تشيلي وتؤدى بشكل ثنائي بين رجل وامرأة. فعندما ترقص الزوجة أو الزوج مع شريك غير موجود في حفلة راقصة يشارك فيها اثنان بشكل تقليدي، فإنه يمكن للآخرين أن يتخيلوا الشخص المفقود وموقعه في الأسرة والمجتمع.

فعندما ترغب في جمع أعداد كبيرة من الناس فإن التحدي غالباً ما يكون جعلهم يشعرون بالأمان الكافي كي يرفعوا أصواتهم عالياً، وتقديم الضمانات لهم بأنهم لن يكونوا وحدهم. وكان منظمو المهرجانات الغنائية يعتمدون على الأمان الذي يوفره لهم العدد الكبير من المشاركين، حيث أن وجود مئات الآلاف من المغنين يوفر نوعاً ما من الأمان للمشاركين وذلك على الرغم من أن ذلك الأمان غير مضمون بأي حال من الأحوال.