تُخلَق المحرّمات المجتمعية أو ما يعرف "بالتابوهات" نتيجةً للعادات البالية والتقاليد والأعراف الاجتماعية القديمة، بالإضافة إلى التفسيرات الخاطئة وغير الواعية للنصوص الدينية. وتؤثر بدورها هذه التابوهات على العديد من الشرائح والفئات في المجتمع، كالنساء والأقليات والأشخاص ذوي الإعاقة؛ حيث أنها تؤدي إلى تقييد اختيارات الأشخاص والتحكم بفرصهم، بالإضافة إلى تعريضهم للأذى والتعنيف.

وفي إطار التعريف بهذه الأخطار والقضايا المجتمعية وتسليط الضوء عليها، انتشر استخدام تقنية البرامج الإذاعية المسجّلة، أو ما يعرف حالياً بـِ "البودكاست". ومن أحد أبرز العاملين في هذا المجال في العالم العربي، هو "بودكاست صوتSOWT Podcast "، التي تقوم بدورها بتوظيف إنتاجاتها للحديث عن هذه القضايا وزيادة الوعي بها وبانتهاكات حقوق الإنسان، حيث أصبح البودكاست وسيلة مهمة لنشر المعلومات للجمهور العام عن قضايا الحقوق المدنية والديموقراطية والتنمية.

"صوت" هي منصة إعلامية تقوم بإنتاج وتوزيع برامج مسموعة مسجّلة باللغة العربية، وذات جودة عالية، بهدف خلق بيئة حوارية لأهم المواضيع الاجتماعية وأكثرها حساسية للمستمع العربي. وقد نجحت "صوت" من خلال برامجها المتنوعة من رصد العديد من القضايا الهامة والحساسة في الوطن العربي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي على حد سواء، نذكر منها على سبيل المثال، بودكاست أو برنامج (عيب) الذي يعنى بمواضيع تصنّف من ضمن التابوهات غير المقبولة اجتماعياً من خلال عرض قصص واقعية شخصية تشكّلت وتأثّرت بالعادات الاجتماعية وتوزيع الأدوار الجندرية. ويعدّ هذا البرنامج، من أهم برامج "صوت" وأكثرها استماعاً لكونه يطرح مواضيع بالغة الصعوبة في قضايا الجنس والجندر يصعب عادةً التطرق إليها، كالإباحية، والتحرّش، والقتل على خلفية الشرف، والإجهاض؛ هذا بالإضافة إلى قضايا الطلاق واحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، والزواج من أديان مختلفة، وتصنيف الأدوار الجندرية.

أحد الأمثلة الأخرى على انتاجات "صوت" هو برنامج "مساحة"، والذي يعدّ منصّة للناشطين لمناقشة قضايا اجتماعية واقتصادية من وجهة نظر نسوية. حيث يتم ضمن هذا البرنامج دعوة وجمع عدد من النساء في حلقة أسبوعية للحديث عن التحديات التي تواجههن على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، والتفكير بماذا يمكن أن تكون الحلول والاستراتيجيات التي يمكن أن تواجه بها النساء في الوطن العربي هذه المشاكل في وقتنا المعاصر.

يمكن القول أن البودكاست تعدّ حالياً منصة تفاعلية هامّة آخذة في النمو والتطوّر من حيث نوعية الإنتاج وعدد المستمعين عالمياً، ففي شهر آب من العام 2021، وصل عدد مستمعي البودكاست إلى أكثر من 2 مليون لأكثر من 48 حلقة منتجة في مختلف البرامج والمواضيع، وبالأخص الفئة العمرية الشابة التي تتراوح بين عمر 12 و34 عام. فبطبيعة مجال البودكاست يمكن استهداف فئات متنوعة ومحددة من المستمعين، مما يجعلها وسيلة إعلامية قوية، وأداة فعّالة لنشر حقوق الإنسان. حيث يوفر البودكاست منصة أو مساحة لنشر قضايا العدالة الاجتماعية، وأداة لتوثيق القصص التي تحدث مع الناس، بالإضافة لكونها من الممكن أن تكون وسيلة للوصول لصنّاع القرار وتشجيع المستمعين على حد سواء.

وفيما يلي، أمثلة لبعض الإنتاجات الأخرى تابعة لـِ"صوت"، توضّح كيف استطاعت "صوت" توظيف برامج البودكاست لتوثيق قصص في قضايا حقوق الإنسان:

• حلقة من برنامج (ما العمل؟)، بعنوان "العمالة المهاجرة: عطيّة العامل الدائم"، التي توثق قصة "عطية"، العامل المهاجر من مصر، الذي يعمل في الأردنّ منذ سنة 2009؛ حيث تسلّط الضوء على ظروف عمله وتحدياته وتصاريحه، إضافة إلى جوانب أخرى تتعلّق بهذه الفئة من العمّال.

• برنامج (يا رايح)، وهو برنامج يروي قصص مهاجرين عرب تركوا بلادهم أملًا بحياة أفضل. بعضهم وصل لبرّ الأمان، وآخرون ما زالوا في بداية الرحلة.

التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان لا تناصر أو تؤيد تكتيكات أو سياسات أو قضايا محددة.