إستخدام تكنولوجيا الهاتف المحمول لإنهاء العنف الأسري

تشير التقديرات العالمية التي نشرتها منظمة الصحة العالمية )WHO( إلى أن حوالي 1 من كل 3 نساء في جميع أنحاء العالم )35٪( عانين من العنف الجسدي و / أو الجنسي من شريك او غير شريك في حياتهم. واما الدراسات الوطنية )الولايات المتحدة الأمريكية( فأبلغت عن معدلات 70٪ أو أكثر. على الرغم من تباين حالات العنف الاسري من مكان إلى آخر، الا ان حالات عدم الإبلاغ هو أمر شائع في جميع أنحاء العالم. الصعوبة في تتبع حالات العنف والوصول إلى وسائل آمنة للإبلاغ عنها هي من المشاكل التي يواجهها الكثير من ضحايا العنف الاسري. لتشجيع الإبلاغ وضمان مقاضاة المعتدين، تولى مطورو التطبيقات مسؤولية ربط الضحايا بالموارد التي يحتاجون إليها من خلال قنوات سهلة الاستخدام. بذلك شكلت تكنولوجيا الهاتف المحمول حاجزاً جديد في التصدي لانتشار العنف الاسري في جميع أنحاء العالم. هناك ثلاثة تطبيقات رائدة تستحق الاطلاع عليها هي: VictimsVoice )الولايات المتحدة الأمريكية(، وGjejZâ )"اعثر على صوتك"، ألبانيا(، وEasyRescue )تركيا(.

 

صوت الضحايا (VictimsVoice)

على الرغم من وجود آليات قانونية في الولايات المتحدة للإبلاغ عن العنف الاسري ومحاكمة مرتكبيه، إلا أن القليل من الضحايا يشعرون بالأمان في الإبلاغ وحتى أقل عددًا منهم قادر على العثور على العدالة من خلال المحاكم. تم إطلاق تطبيق VictimsVoice في حزيران 2019، لا يقوم تطبيق VictimsVoice بالإبلاغ عن حالات سوء المعاملة من خلال الطرق الآمنة فحسب، بل يقوم التطبيق بجمع وثائق محددة في حالة رغبة المستخدم في متابعة الإجراءات القانونية ضد المعتدي عليهم. لقد أدرك مطورو التطبيق أن الكثير من حالات العنف الاسري لا تتم محاكمتها أبداً بسبب عدم وجود أدلة "كافية". يمكن للمستخدمين تحميل صور للإصابات وتفاصيل الفحوص الجسدية من الأطباء والرد على سلسلة من الأسئلة لضمان الملاحقة السريعة عند الملاحقة القضائية. تعاون مطورو التطبيق مع مكاتب المحامين في المقاطعة ووكالات إنفاذ القانون والمدعين العامين ومكاتب المحاماة في جميع أنحاء البلاد لتحقيق العدالة لضحايا العنف الاسري.

يتم تخزين البيانات التي يتم جمعها من خلال التطبيق خارج الجهاز وتشفيرها، مما يضمن أن المعتدين غير قادرين على الوصول إلى أي معلومات يدخلها المستخدم. يتم تخزين كل المحتوى الذي تم تحميله بشكل دائم بغض النظر عما إذا كان المستخدم قام بتحديث اشتراكه بالأداة أم لا حتى يتمكن الضحايا من الإبلاغ عند الشعور بأنهم مستعدين - حتى بعد سنوات. يمكن الوصول إلى VictimsVoice من أي جهاز محمول )مما يضمن سهولة الوصول والأمان( ومتاح بتكلفة سنوية قدرها 39.99 دولار. كما يقدم التطبيق بطاقات هدايا لمساعدة الاصدقاء على الهروب من العنف الاسري، كما يساعد الشركاء في التطبيق من خلال دعم التكاليف لأولئك الذين لا يستطيعون تحمل الاشتراك السنوي للتطبيق.

يأمل العاملين على VictimsVoice أن يكون نموذجًا للتكتيكات القائمة على استخدام التطبيقات في مجال الحد من انتشار العنف الاسري في جميع أنحاء العالم. يتوقع المطورون أن يصبحوا عالميين في يوم ما، لكنهم يدركون أهمية تركيز جهودهم على ضمان أفضل خدمة ممكنة لمستخدميهم على المستوى المحلي. يتم تحديث الإصدارات التي تم تطويرها باستخدام مدخلات استراتيجية من استشاريين محليين، مع التركيز على التفاصيل القضائية داخل الدول ذات السيادة وإجراءات المحاكم القبلية. يدرك مؤسس التطبيق والرئيس التنفيذي شيري كركول (Sheri Kurdakul) على الإمكانات المستقبلية التي تم فتحها من خلال تطوير برنامج VictimsVoice ان هذه التكنولوجيا مهيأة ومعدّة للاستخدام خارج نطاق العنف الاسري.

 

اعثر على صوتك GjejZâ (Find your Voice)

قام ثلاثة مراهقين رواد في ألبانيا بتطوير تطبيق لمساعدة ضحايا العنف الاسري في الوصول إلى الدعم والموارد التي يحتاجونها. وجد استطلاع عام 2018 أن واحدة من كل امرأتين تعرضت لإيذاء على يد شريك في تلك السنة، وأن 97٪ من هذه الحالات لم يتم إبلاغ الشرطة بها مطلقًا. تم إنشاء GjejZâ )اعثر على صوتك( استجابة لنتائج الاستطلاع هذه. المراهقون الثلاثة الذين طوروا التطبيق قد فازو في مسابقة تدعى )Technovation( تطلب من الفتيات تطوير حلول للمشاكل المحلية. يقوم التطبيق بتحديد ثلاث خطوات أساسية لضحايا العنف الاسري: تحديد المشكلة، وتمكين المستخدم، واستطاعتهم من اتخاذ الإجراءات اللازمة. اولا يجب على المستخدمون الاجابة على سلسلة من الأسئلة لتحديد الإساءة. وتلي هذه الأسئلة شهادات النساء اللائي نجونا من مواقف مماثلة، تهدف هذه الشهادات إلى غرس الأمل في ضحايا العنف الاسري. قد يكون الشعور بالأمل حيال الحياة بعد سوء المعاملة أمرًا بالغ الصعوبة، تتضمن القصص ايضاً موارد لتمكين الضحايا من التحرك بسرعة وسهولة، بما في ذلك معلومات الاتصال للحصول على الدعم وأوامر التقييد والمأوى والتوظيف. وقد قامت GjejZâ بدورها في مواجهة العديد من التحديات التي يواجهها الضحايا. من المحتمل أن تقطع هذه الخدمة شوطًا كبيرًا في ألبانيا، حيث يستخدم 4.63 مليون شخص الهواتف المحمولة بانتظام.

 

الإنقاذ السهل (EasyRescue)

حوالي 4 من كل 10 نساء في تركيا يتعرضن للعنف الجسدي من قبل أزواجهن أو شركائهن في السكن، و89٪ من النساء اللائي يتعرضن للعنف لم يبلغن السلطات أو يوجيهن التهم على المعتدين. الحوار العام حول هذه القضية مثير للجدل. ونتيجة لذلك، فإن نشر المواد التعليمية أمر صعب، ومعظم الناجين غير قادرين على معرفة الموارد المتاحة للهروب من العنف الاسري. لقد غيرت تكنولوجيا الهاتف المحمول في تركيا طريقة تقديم المساعدة للضحايا. في عام 2015، واجهت شركة الهاتف المحمول التركية فودافون تحديها الخاص "باستخدام الهواتف المحمولة من أجل الخير" من خلال إنشاء تطبيق Easy Rescue، المصمم لتوفير وسيلة سريعة وسهلة للنساء اللاتي يتعرضن للعنف المنزلي لإبلاغ السلطات. بمجرد قيام المستخدم بتنزيل التطبيق، يظهر على الهواتف المحمولة تحت اسم مختلف كي لا يثير الشك من جانب المعتدي الذين يمكنه الوصول إلى هاتف المستخدم. يمكن لمستخدمي التطبيق الإبلاغ عن الحوادث إلى السلطات عن طريق هز هواتفهم، مما ينبه ثلاثة أفراد تم تحديدهم مسبقًا أو منظمات خدمات اجتماعية؛ يتم إرسال رسالة من الهاتف هذه الأسماء )الأصدقاء أو العائلة أو السلطات أو الخطوط الساخنة للعنف الاسري أو حتى سيارة الإسعاف(، بما في ذلك الموقع الجغرافي للمستخدم. شركة فودافون كانت ذكية في الأساليب التي استخدمت للإعلان عن هذه الخدمة. حيث قامة الشركة بوضعت الإعلانات المطبوعة في أماكن لا يُرجح أن يراها المعتدون المحتملون: مخبأة على علامات الملابس الداخلية، اصابع الشمع، وحمامات النساء، وفي البرامج التليفزيونية الشائعة خلال النهار والتي يتابعها النساء، وفي داخل مقاطع فيديو المدونات النسائية عبر الإنترنت. تم ابلاغ عملاء فودافون من الإناث بإصداره عبر رسالة صوتية آلية - حيث تمت برمجتها للتعرف على من يقوم بالإجابة على الهاتف إذا كان المجيب هو الرجل سيتم عرض اعلان ترويجي عام. منذ إطلاقه، دعم التطبيق أكثر من 300،000 امرأة في تركيا )24٪ من مستخدمي الهواتف الذكية( للحد من دائرة العنف الاسري. توقع مصممو SmartRescue أن يظل التطبيق غير ظاهر لفترة قصيرة فقط، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى خطر على سلامة النساء. بعد عشرة أشهر من الإطلاق، بدأ المصممون "المرحلة الثانية" من التطبيق، حيث قاموا بإنشاء واجهة جديدة لتجنب الكشف مرة أخرى. استخدمت فودافون العديد من استراتيجيات الإعلان الأصلية لتنبيه النساء إلى التغيير الى الواجهة جديدة.

نظرًا لأن الهدف الأساسي من هذه التطبيقات هو سلامة وحماية الشخص الذي يتعرض للعنف الاسري، فمن الضروري أن يضمن المطورون عملهم بالطريقة الصحيحة. عندما قامت الشبكة الوطنية لإنهاء العنف الاسري )NNEDV( بفحص عدد من تطبيقات العنف الاسري بشكل دقيق من خلال مركز أمان التطبيقات، وجدوا أن بعضهم لا يقوموا بإرسال التنبيهات بفعالية أو الاتصال بخدمات الطوارئ كما هو معلن. كما تم تحديد الضوء على مشكلات الخصوصية المحتملة ومنها مخاطر الاعتماد على GPS )يوصى بإيقاف تشغيل GPS عمومًا لتجنب مراقبة الهاتف(.

في النهاية، يمكن أن تتحول برامج وخدمات التوعية من أدوات الحماية إلى تهديدات أمنية عندما يكتشف المعتدي وجودها. من الأهمية بمكان أن ينظر مطوري برامج التكنولوجيا إلى Easy Rescue وVictimsVoice
وGjejZâ (Find your Voice)  كقادة في الكفاح المبتكر ضد العنف الاسري.

التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان لا تناصر أو تؤيد تكتيكات أو سياسات أو قضايا محددة.