الحقوق والواجبات في المجتمعات الرقمية

ساهم ايمن ملحيس في كتابة هذه المدونة، وهو منسق اول وسائل الإعلام الرقمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في برنامج التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان.

مع توفر الإنترنت للجميع وانتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة مثل الفيس بوك والانستجرام والتويتر وبالإضافة الى الكثير من المواقع والبرامج الاخرى التي تهدف الى التواصل بين الاشخاص. أصبحت كل منصة تقدم خدمات اضافية منها إنشاء المجموعات التي تتيح للأشخاص التحدث والتواصل في أمر مخصص أو مشترك فيما بينهم.   

لهذا السبب قامت منظمة البحث عن أرضية مشتركة بالشراكة مع ميتا بلاتفورمز بإستضافة ورشة عمل لمشرفي المجموعات على وسائل التواصل الإجتماعي "مضيفي المجتمع الرقمي الأول" لفهم حقوقهم وواجباتهم بشكل أفضل في إدارة هذه المجموعات على هذه المنصات والحفاظ على سلامة وأمن اعضاء هذه المجموعات. (ملاحظة: تمتلك ميتا بلاتفورمز ثلاثة من أشهر تطبيقات الوسائط الاجتماعية: الفيسبوك، والإنستغرام، و الواتس اب). حضر منسق اول وسائل الإعلام الرقمية  في برنامج التكتيكات الجديدة أيمن ملحيس التدريب الذي عقد في الامارات العربية المتحدة في دبي بالإضافة الى ١٧ مشاركاً آخر من مختلف البلدان والثقافات وهي الأردن، لبنان، مصر، سيرلانكا، قيرغيزستان، إندونيسيا، الكاميرون، نيبال، وسيرا ليون.

 سلطت الورشة الضوء على مشرفي المجتمعات الرقمية (المجموعات التي تم انشاؤها عبر مواقع التواصل الاجتماعي) وتوضيح حقوقهم وواجباتهم والأدوات التي يمكن أن تستخدم للحفاظ على أمان الأعضاء الذين ينضموا إلى هذه المجموعات. ولقد احتوى التدريب على تسعة وحدات كالآتي:

  1. مشاركة الأعضاء: في البداية وبما أن جميع المشاركين هم مشرفين في مجتمعات رقمية (مجموعات) فكان هدف هذه الوحدة هو الحصول على المهارات الفنية التي تساعد زيادة مشاركة الأعضاء في مجموعاتهم وخصوصاً انه عند انشاء اي مجموعة يبدأ المهتمين بالانضمام بها مع اختلاف اهتماماتهم فمنهم من يريد ان يشارك آرائه في المجموعة ومنهم من يريد الاستماع والتعلم وآخرون يريدون التعرف على من يشاركهم الاهتمام من خلال هذه المجموعات وغيرهم الكثير، لذلك يتوجب على مشرف المجموعة أن يكون على علم بتنوع اهتمام الأعضاء في المجموعة وتنوعهم كأشخاص وان يحترم هذه الاهتمامات والشخصيات والخصوصية لكل عضو. خلال التدريب تم عرض أمثلة على هذه الفئات من الأعضاء وكيف يتم تميزهم باستخدام نظام الشارات في الفيسبوك وأمثلة على طرق التواصل معهم وكيفية زيادة نشاطهم في المجموعة.
     
  2. الثقة والتواصل: بعد تحديد المشاركين في المجموعة يجب تحديد استراتيجيات لبناء الثقة والتواصل داخل المجموعة لتشجيع التفاعل والتواصل بين الأعضاء في المجموعة مثل تحديد مبادئ التواصل في المجموعة مثل (الشفافية، المسؤولية، الخصوصية، الحماية) التي تظهر التزام منشئي المجموعة وتزيد من ثقة المشاركين فيه ومن ثم تطوير لوائح وقوانين التواصل داخل المجموعة حتى يتم التواصل بشفافية وأمان بين أعضاء المجموعة ومن الضروري أن يتم تطبيق واحترام هذه القوانين من المشرفين أولاً مثل:
    • احترام الرأي الآخر.
    • عدم نشر خطاب الكراهية.
    • عدم نشر معلومات دون التأكد من صحتها.
    • عدم نشر معلومات حساسة أو خاصة.
    • عدم نشر معلومات بقصد التعدي على شخص آخر اوالتنمر عليه.
       
  3. فهم المعلومات المضللة (اضطراب المعلومات): جانب آخر مهم لإدارة المجموعة هو فهم ما هي المعلومات الخاطئة والمضللة أو الضارة التي قد يتم نشرها في المجموعة. يمكن تقسيم هذه المعلومات إلى ثلاث فئات:
  • المعلومات الخاطئة (المضللة عن غير قصد): هي معلومات خاطئة يشاركها الأشخاص لكنهم لا يدركون أنها خاطئة أو مضللة، غالبًا لأنهم يحاولون المساعدة في نشر معلومات جديدة لأعضاء المجموعة الآخرين. وقد ظهر الكثير من الأمور المشابهة خلال جائحة كوفيد-١٩ حيث شارك الكثير أساليب غير صحيحة لانتشار المرض دون مرجعية طبية أو التأكد من صحة المعلومة.
  • المعلومات المضللة (عن قصد): هي معلومات خاطئة أو مضللة تم إنشاؤها عمدًا لكسب المال أو التأثير السياسي أو التسبب في مشكلة أو الاضرار بشخص او كيان.

ومن الأمثلة على مشاركة المعلومات المضللة حملة "الطيور ليست حقيقية" التي بدأت كدعابة تقول بأن الحكومة الأمريكية استبدلت الطيور الحقيقة بطائرات مراقبة على شكل طيور للتجسس على المواطنين (معلومة خاطئة)، والتي تحولت إلى حملة منظمة من قبل الأشخاص الذين قاموا بالاشتراك في هذه الدعابة حتى يطالبوا الحكومات بإيقاف التجسس عليهم وعلى خصوصياتهم. وهنا نرى ان المعلومة المنشورة هي مضللة أنتجت تأثير سياسي أدى الى قيام حملة منظمة للمطالبة بإيقاف مراقبة الحكومة للمواطنين وحماية خصوصياتهم

  • المعلومات الخبيثة: هذه معلومات حقيقية (دقيقة) يتم مشاركتها بقصد إحداث ضرر. قد تكون هذه تفاصيل شخصية أو صورًا جنسية منشورة بدون موافقة أو رسائل بريد إلكتروني مسربة للإضرار بسمعة شخص ما. من الأمثلة على المعلومات الخاطئة الموقع المثير للجدل المناهض للإجهاض، ملفات نورمبرج. قام منشئ الملفات بنشر أسماء وصور وعناوين منازل لأكثر من 200 موظف في عيادات الإجهاض في الولايات المتحدة (وهي ممارسة تُعرف باسم doxxing) ، مما أدى إلى مقتل ثمانية أطباء.

 

  1. التعامل مع المعلومات المضللة (اضطراب المعلومات): مشرفي المجموعات او منشئيها هم الاشخاص المسؤولين عن المعلومات التي يتم نشرها على مجموعاتهم وايضاً هم الأشخاص الذين يقوموا بنشر المعلومات في المجموعة. إذاً يجب الآن الانتباه الى المعلومات قبل نشرها والتأكد منها. وقد تختلف أنواع المعلومات اما صور او أفلام أو نصوص، وهنا تكمن الصعوبة في تفقد المعلومات حيث أن في بعض الأحيان تكون النصوص صحيحة ولكن الصورة أو الفيلم المرفق ليس صحيحاً أو العكس. خلال الورشة تم التعرف على أدوات للتأكد من صحة المعلومات وتاريخها والتأكد من صحة الصور والأفلام قبل الموافقة على مشاركتها. ومنها:

نصيحة مهمة للتعامل مع المعلومات الخاطئة أو المضللة أو الخبيثة: يجب على الاعضاء والمشرفين دائمًا التحقق من صحة أي معلومات يتم مشاركتها وذكر مصدرها عندما يكون ذلك ممكنًا. في حالة مشاركة معلومات خاطئة أو المضللة في مجموعة، يحق  للمشرف استخدام أدوات الإشراف على المحتوى مثل تنبيهات الكلمات الرئيسية، وإزالة المحتوى المشكوك فيه، وإزالة عضو من المجموعة و/أو إرفاق روابط بمعلومات تم التحقق منها. في نهاية المطاف، إذا كان مشرفي المجموعة قد وضعوا قواعد مناسبة (الوحدة الثانية) ، فستعمل هذه القواعد كإستراتيجية لمراقبة المحتوى تسمح بإزالة المعلومات الخاطئة والمضللة والتي من المحتمل أن تكون ضارة.

  1. التواصل اللاعنفي: ناقش المدربين أيضًا الفرق بين خطاب الكراهية وحرية التعبير.
  • حرية التعبير: تشير حرية التعبير إلى الحق في البحث عن المعلومات والأفكار وتلقيها ومشاركتها مع الآخرين. ولكن يجب استخدام هذه الحرية بشكل مسؤول ويمكن إيقافها عند اعتبارها تهديدًا أو تشجيعًا على نشاط يؤدي الى ضرر.
  • خطاب الكراهية: يستهدف خطاب الكراهية، وخاصة عبر الإنترنت ، مجموعات معينة أو فردًا بسبب خصائص متأصلة فيهم - غالبًا من الأقليات ويجردهم من إنسانيتهم. غالبًا ما يرى مرتكبو خطاب الكراهية "الآخرين" على أنهم العدو،  مما قد يهدد السلم الاجتماعي.

تعلم المشاركين في التدريب طرق الاتصال اللاعنفي مع أعضاء المجموعة لاحترام الاختلافات والتنوع.

  • الملاحظات: يؤكد الاتصال اللاعنفي على ان يقوم المشرف بمشاركة ملاحظاته دون إصدار حكم على عضو في المجموعة. على سبيل المثال ، بدلاً من أن تقول، "لقد تركت مجموعتنا ولم تعد تنشر أي شيء بعد الآن" ، يمكنك أن تقول ، "لقد لاحظت أنك لا تشارك في المجموعة كما كنت معتادًا." هذه طريقة أكثر ودية ومقبولة للتواصل مع الأعضاء الآخرين.
  • الإحتياجات: بصفتك مشرفًا للمجموعة ، يجب أن تفهم احتياجات مجموعتك بدءًا من المشرفين الآخرين. هل يشعرون بالغضب والإحباط؟ على سبيل المثال، إذا شعر أحد المشرفين بالغضب من التعامل مع بعض أعضاء المجموعة، فقد تحتاج إلى التعمق أكثر ومعالجة أسباب هذا الشعور. هل هذا المشرف غير مدعوم من قبل المشرفين الآخرين؟ هل هذا المشرف غارق في المسؤوليات؟ هل هذا المشرف لم يتم رؤيته وتقديره بما فيه الكفاية؟
     
  1. السلامة الرقمية: من الجميل تكوين مجموعة تتفق على تبادل الأفكار والخبرات بشكل افتراضي دون الحاجة الى التواجد في نفس المكان معاً. ومع سهولة تكوين المجموعة تزداد فرص التعرض للاختراقات والهجمات من الأشخاص غير المرحب بهم، لذلك توجب تحسين مهارات وممارسات السلامة الرقمية للتخفيف من المخاطر والعنف في المجتمعات الرقمية ومعرفة أنواع وأساليب الهجمات على هذه المجتمعات وطرق تفاديها والحماية منها. على سبيل المثال:
  • اعضاء غير متفاعلين: هم الأعضاء الصامتون في المجموعات. هؤلاء الأعضاء ليسوا نشطين وهم يقرؤون أو يشاهدون محتوى المجموعة ولكنهم لا يساهمون. يمكن أن يشكلوا ما يصل إلى 80 ٪ من أعضاء المجموعة. قد لا يكون بعضهم أصدقاء لا يسبب وجودهم اي ضرر ويمكن أن منهم من يقوموا بتسريب معلومات حول أعضاء المجموعة لغايات مختلفة. إن من المهم أن يكون مشرفوا المجموعة على دراية بهذه المخاطر الأمنية المحتملة.
  • إنهاء المجموعة: في الوقت الذي يتمتع مشرفي المجموعات بقدر كبير من السيطرة على أنشطة مجموعتهم، الا ان منصات وسائل التواصل الاجتماعي نفسها هي التي تقرر في النهاية ما هو مسموح بحدوثه على منصاتها، بما في ذلك ما إذا كان يمكن للمجموعات أن توجد أم لا. الخوف الشائع هو أن مقدمي هذه الادوات يمكنهم انهاء هذه المجموعات من جانب واحد. تتضمن بعض الاهتمامات الشائعة التي يتقاسمها مشرفي مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي يمكنهم الاستيقاظ حرفيًا والقول،" تم حذف المجموعة"، ستفقد سنتان من العمل وجهات الاتصال، أو عليك أن تبدأ في الدفع للحصول على كامل الميزات (مثل Twitter) ".

 

  1. القيادة الرقمية: يمكن لأي شخص إنشاء مجموعة رقمية، ولكن لا يقوم الجميع بالتخطيط لإدارة هذه المجموعات أو لا يمكنهم إدارتها. لذلك، من الضروري فهم كيفية ممارسة القيادة في المجتمع الرقمي واحترام التنوع دون تحيز أو تمييز. اقترح التدريب أنه يجب على المسؤولين العثور على أشخاص مناسبين داخل المجموعات الرقمية ليكونوا محررين أو مشرفين في المجموعة ، بدلاً من مجرد أعضاء. كلما زاد حجم فريق إدارة المحتوى، كلما كانت تجربة المستخدمين أفضل.

 

  1. النمو والشمولية: أوصى التدريب أيضًا بأدوات لزيادة عدد المشاركين في المجموعة والمشاركة. بعض الأمثلة على ذلك تشمل:
  • استخدام التصاميم المميزة، مثل اعتماد صورة أو شعار معين للمجموعة، وإرشادات عامة حول "العلامة التجارية"؛
  • إيجاد طرق للتعاون والتواصل مع المجموعات الأخرى المهتمة بمواضيع مماثلة لتشجيع التبادل بين المجموعات.

 

  1. الحقوق الرقمية: في نهاية الورشة كان يجب تسليط الضوء على الحقوق الرقمية التي يتم وضعها من قبل الشركات التي تقدم هذه الأدوات. وحتى وقت الورشة كانت شركة الفيسبوك قد اعتمدت ٢٢ معياراً للمجتمعات الرقمية وضعت في خمس أقسام رئيسية وهي:
    • العنف والسلوك الإجرامي
    • الأمان
    • المحتوى المرفوض
    • النزاهة والأصالة
    • احترام الملكية الفكرية

ويتم التحديث على هذه المعايير والقوانين بشكل مستمر من مطوري هذه الأدوات حتى تناسب مستخدمي المجتمعات الرقمية وتقوم بحمايتهم وضمان وصولهم للمعلومات وغايات المجموعات التي انضموا لها.

خلال هذا التسلسل قامت الورشة بالتنقل من فهم الأعضاء أو المشاركين في المجتمعات الرقمية إلى دور المشرفين لتحسين أدوارنا كمشرفين عليها ومن ثم دور الشركات المقدمة لهذه الأدوات  لحماية الحقوق الرقمية بشكل أفضل، وأنا أرى أننا كمستخدمين لهذه المجتمعات الرقمية يجب علينا أن نثقف أنفسنا وأن نعرف ما هي حقوقنا وواجباتنا في هذه المجموعات سواء كنا مشاركين أو مشرفين، وأن نتأكد من مشاركة السبب الرئيسي من إنشاء هذه المجموعة قبل الاشتراك بها أو إنشائها، والتعرف على القوانين الداخلية لهذه المجموعات التي تضمن حق الجميع بالاستفادة من المجموعة، والعمل باستمرار على توفير مساحة آمنة للأعضاء للمشاركة داخل المجموعة. تعد المجتمعات الرقمية مساحات مهمة للنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان؛ ويجب الحفاظ على وجود هذه المساحات واستمرارها.

ساهم ايمن ملحيس في كتابة هذه المدونة، وهو منسق اول وسائل الإعلام الرقمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في برنامج التكتيكات الجديدة في حقوق الإنسان.