استخدام البيانات للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

Using data to advocate for disability rights

من خلال خبرتي وعملي في مجال دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، وجدت أن الافتقار إلى البيانات الموثوقة والإحصاءات القابلة للمقارنة يشكل عقبة رئيسية أمام دمج منظور الإعاقة في البرامج الإنمائية، وُيعّد تحسين جمع الإحصاءات المتعلقة بالإعاقة وتحليلها وتوافرها ضرورياً لتعزيز صنع السياسات والقرارات بشأن البرامج القائمة على الأدلة.

وجدت أثناء عملي في القطاع الإنساني بأن مدراء البرامج غالبا ما تكون لديهم أسئلة أساسية تدعو إلى تقديم معلومات إحصائية عن المواضيع المتعلقة بالإعاقة، ومن أبسط هذه الأسئلة وأكثرها طرحاً: ما هو عدد الأشخاص ذوي الإعاقة بين السكان؟

لكن المعلومات الإحصائية يجب أن تتجاوز العدد الإجمالي للأشخاص ذوي الإعاقة. على سبيل المثال، من أجل تصميم الخدمات المناسبة يحتاج مخططو البرامج الإنمائية إلى معرفة:

  • أنواع الإعاقة بين السكان.
  • درجة الإعاقة - خفيفة أو متوسطة أو شديدة.
  • ومدى تواتر كل نوع منها لاستهدافها بالخدمات بشكل مناسب.
  • ما هي الخدمات المناسبة.
  • كيف يختلف انتشار الإعاقة حسب الفئة العمرية والجنس والمنطقة الجغرافية.

هناك حاجة إلى المعلومات الإحصائية للمساعدة في إزالة الحواجز وضمان المشاركة المتساوية والمساواة في الوصول إلى الخدمات. وتتجلى أهمية البيانات حول إعداد سياسات أكثر شمولاً وتنفيذها ورصدها وتقييمها. وضحت الأمم المتحدة 2030 خطة التنمية المستدامة أهمية تصنيف المؤشرات حسب حالة الإعاقة، لذا ان كانت لديك أرقام عامة فقط حول الأشخاص ذوي الإعاقة، فلا يمكنك الاستجابة بجهود المدافعة المناصرة.

يجب التفكير في كيف يمكن لهذه البيانات التي نجمعها أن تدعم جهودنا في حملات المدافعة والمناصرة. لذلك إذا لم نتمكن من استخدام البيانات لتعزيز حملاتنا، فنحن بحاجة إلى جمع بيانات مختلفة.

اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:

إحدى الأدوات المهمة للنهوض بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي معاهدة دولية لحقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة. حيث تعد أول صك دولي ملزم قانونًا يوفر حماية شاملة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي أصبحت سارية المفعول في 3 مايو 2008 وقد تم توقيعها من قبل 164 دولة بينما تمت مصادقتها من قبل 182 دولة.

تحدد المادة 31 من هذه الاتفاقية الأهمية البالغة لجمع البيانات في سبيل النهوض بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:

  1. تتعهد الدول الأطراف بجمع المعلومات المناسبة، بما في ذلك البيانات الإحصائية وبيانات البحوث، لكي تتمكن من صياغة وتنفيذ سياسات هذه الاتفاقية.
  2. يجب تصنيف المعلومات التي يتم جمعها وفقاً لهذه المادة، حسبما يكون مناسباً، واستخدامها للمساعدة في تقييم مدى تنفيذ الدول الأطراف التزاماتها بموجب هذه الاتفاقية، إلى جانب تحديد وإزالة الحواجز التي تحول دون ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقوقهم.
  3. على الدول الأطراف أن تتحمل مسؤولية نشر هذه الإحصاءات وضمان توفرها للأشخاص من ذوي الإعاقة وغيرهم.

في صميم الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يوجد النموذج الاجتماعي للإعاقة الذي يميّز بين الإعاقة والضعف. حيث تروّج هذه الاتفاقية إلى تعزيز المشاركة المتساوية للأشخاص ذوي الإعاقة في جميع جوانب الحياة. والقصد هنا هو إزالة الحواجز التي تواجه الأشخاص الذين يعانون من ضعف وظيفي. لذلك ولتحقيق هذا الهدف، يلزم فهم مدى انتشار الإعاقة في بلد ما.

هناك العديد من العناصر المهمة لصناعة وتعديل السياسات:

  • البيانات المناسبة لفهم كيفية توزيع الإعاقة بين السكان.
  • الآليات الموضوعة لقياس معدلات الإعاقة حسب الجنس أو العمر أو العرق أو منطقة الإقامة أو غيرها من الخصائص.
  • تدابير لفهم فعالية السياسات التي تهدف إلى تقليل فجوات المشاركة.

على سبيل المثال، لتتبع انتشار الإعاقة في مناطق جغرافية مختلفة، يحتاج البلد إلى اعتماد معيار مرجعي. هذا يعني أداة قياس معيارية يتم استخدامها من قبل جميع البرامج وجميع الخدمات للكشف عن الإعاقة ودرجتها. حيث ستمكننا من ملاحظة معدلات الانتشار التي قد تكون في بعض المناطق أعلى من غيرها. حينها ستوفر هذه البيانات معلومات لاعداد البرامج التي يمكنها بعد ذلك استهداف هذه المناطق أو وضعها على قائمة الأولويات في خدمات تهيئة البنية التحتية. كما وتحتاج مؤسسات الدولة أو المنظمات غير الحكومية إلى هذا النوع من المعلومات عند تحديد العوائق التي يواجها الأشخاص ذوي الإعاقة. على سبيل المثال: هل يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة استخدام وسائل النقل العام المتوفرة في المجتمع؟ إذا لم يكن كذلك، فما هي الأسباب التي تمنعهم من استخدامها؟ (على سبيل المثال انظر على هذه الحملة في تونس).

من الضروري الإجابة على هذه الأسئلة لمعرفة كيف يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة الدفاع عن حقوقهم. كما يمكن أن تساعد البيانات المنظمات في أن تصبح حلفاء للمساعدة في المناصرة والمدافعة من أجل التغيير، مثل تهيئة البيئة لتكون أكثر سهولة وإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. قد تشمل هذه التهيئة توفير المنحدرات والمصاعد وتعليمات واضحة بلغة بريل في وسائل النقل العام. قد يشمل أيضا اتاحة خيارات جلوس بديلة في هذه الوسائل. هذه كلها أمثلة على تهيئة الوصول التي ستساعد الجميع مثل كبار السن، والآباء الذين لديهم أطفال صغار، إلخ.

مجموعة واشنطن لإحصاءات الإعاقة

في عام 2001، عُقدت الندوة الدولية حول قياس الإعاقة في نيويورك، والتي جمعت مجموعة من الخبراء المحليين في قياس الإعاقة. خلال هذا الاجتماع، اتفق المشاركون على أن البيانات الموجودة حول الإعاقة، وخاصة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، كانت شحيحة وذات نوعية رديئة في كثير من الأحيان. لذلك تم تشكيل فريق واشنطن المعني بإحصاءات الإعاقة (WG) لتنفيذ التوصيات الصادرة عن هذه الندوة وهدفها:

  • تلبية الحاجة إلى وضع مقاييس للإعاقة، قائمة على أسس سكانية.
  • تعزيز التعاون الدولي في مجال الإحصاءات المتعلقة بالصحة والإعاقة.
  • إنتاج مقاييس تم اختبارها دولياً لرصد حالة الأشخاص ذوي الإعاقة.
  • دمج مسألة الإعاقة في النظم الإحصائية الوطنية.

قامت مجموعة واشنطن بتطوير واختبار والتحقق من صحة عدة أدوات. توفر هذه الأدوات بيانات قابلة للمقارنة دوليًا (مثل المعايير المرجعية الموضحة سابقًا)

معايير مجموعة واشنطن تعمل على تقييم الصعوبات في ستة أنشطة أساسية في المجالات الوظيفية. وتشمل هذه: الرؤية، والسمع، والتنقل (المشي أو صعود السلالم)، والإدراك (التذكر)، والتواصل، والرعاية الذاتية (الاستحمام أو ارتداء الملابس).

على سبيل المثال ، ستسأل مجموعة واشنطن سؤال عن قدرة الشخص على المشي. قد لا يتمكن الشخص من المشي بسبب:

  • إعاقة جسدية.
  • أمراض القلب الخطيرة.
  • ضعف شديد.
  • التهاب الأذن الوسطى الذي يؤثر على التوازن.
  • سبب آخر.

هذه كلها أشكال للضعف. الإعاقة هي نتيجة تفاعل الضعف والبيئة المحيطة. لذلك المهم هو أن الشخص يواجه صعوبة في المشي قد تمنعه في بيئة غير مهيئة من المشاركة في المجتمع مثله مثل الأشخاص الآخرين من حيث قدرته على:

  • العمل
  • إعالة أسرة
  • المشاركة في الفعاليات المدنية مثل التصويت، وأشكال الحكم الأخرى، إلخ.

في الشكل أدناه، يمكنك رؤية معدل الإعاقة بين اللاجئين السوريين في الأردن كما هو موضح في الاستخدام التجريبي لأسئلة مجموعة واشنطن من قبل مفوضية اللاجئين في عام 2016. حيث تتغير الفروق في معدلات ونسب الإعاقة اعتمادًا على اسئلة الاستبيان (الأدوات) الذي تم استخدامه لجمع البيانات.

ومن الجدير بالذكر أن المجموعة القصيرة من اسئلة واشنطن والتي يمكن استخدامها في التعداد أو المسوح لا تعمل على تشخيص الحالات. مع ذلك فقد تم استخدام هذه الأداة من قبل أكثر من 83 دولة حول العالم لإجراء المسوح والتعدادات السكانية.

وأعّد الفريق مجموعة أوسع من الأسئلة المتعلقة بأداء الوظائف، يمكن استخدامها في المسوح لجمع معلومات أكثر تفصيلا عن الإعاقة، وتعرف بالمجموعة الموسّعة لفريق واشنطن حول أداء الوظائف. ثمّ أعدّ بالتعاون مع اليونيسف، نموذجاً متعلقاً بأداء الوظائف لدى الأطفال.

أثناء عملي في مجال دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، قمت بتدريب العاملين في المجال الإنساني على استخدام اسئلة مجموعة واشنطن. كانت هذه خطوة مهمة لجعل خدماتهم ومشاريعهم أكثر دمجاً وحساسية للأشخاص ذوي الإعاقة. كما قمت بتدريبهم أيضاً على كيفية تعديل أدوات جمع البيانات الخاصة بهم لتشمل مجموعة اسئلة مجموعة واشنطن المناسبة. حيث يعتمد اختيار المجموعة على الفئة العمرية ونوع الخدمات التي تقدمها هذه المشاريع. وقد وجدت أثر استخدام أداة اسئلة مجموعة واشنطن في جعل هذه الخدمات والمشاريع أكثر دمجاُ حيث ساعدت في تحديد واكتشاف البالغين والأطفال ذوي الإعاقة كخطوة أولى نحو دمجهم وتسهيل وصولهم إلى الخدمات.

للمزيد من المعلومات قم بزيارة الموقع الالكتروني لمجموعة واشنطن للإحصاءات.